بعمر السابعة والثلاثين، بدأ البرتغالي كريستيانو رونالدو رحلة الأمتار الأخيرة من مسيرته الأسطورية، بعد قراره الانضمام إلى النصر في صفقة خيالية تحمل في طياتها تحديات جديدة وإفادة مالية هائلة، فيما ستجعل النادي السعودي تحت الأضواء العالمية أكثر من أي وقت مضى.

وأعلن نادي العاصمة الرياض، الجمعة، تعاقده مع أفضل لاعب في العالم 5 مرات، حتى عام 2025، بصفقة مقدّرة بأكثر من 200 مليون يورو.

ونقل النصر عن اللاعب البالغ 37 عاما، قوله “إني متشوق لتجربة دوري كرة قدم جديد في دولة مختلفة، الرؤية التي يعمل بها نادي النصر ملهمة جدا، وأنا متحمس للانضمام لزملائي، لنقوم سويا بمساعدة الفريق لتحقيق المزيد من النجاحات”.

وأضاف: “يمكننا أن نرى من أداء السعودية الأخير في كأس العالم أنها دولة ذات طموحات كروية كبيرة ولديها الكثير من الإمكانات. أنا محظوظ لأنني فزت بكل شيء خططت للفوز به في كرة القدم الأوروبية، وأشعر الآن أنها اللحظة المناسبة لمشاركة تجربتي في آسيا”.

وغرد رئيس النادي مسلّي آل معمر: “سعيد جدا بانضمام أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم إلى نادي النصر والدوري السعودي. تعاقدنا مع رونالدو لا يستهدف كسب مباراة أو بطولة، بل أبعد من ذلك: نقل تجارب عظيمة، احترافية عالية، إلهام لجيل شغوف بالرياضة. أدعوكم للاستمتاع بفصل من فصول التطور الهائل في مملكة العز”.

أكثر من فصل تاريخي

وكتب النصر بطل الدوري 9 مرات آخرها في 2019 والذي يشرف عليه المدرب الفرنسي رودي جارسيا: “هذه الصفقة أكثر من مجرد كتابة فصل تاريخي جديد، هذا اللاعب مثال أعلى لجميع الرياضيين والشباب على مستوى العالم، وبوجوده في النصر سنمضي قدما لتحقيق المزيد من النجاحات للنادي والرياضة السعودية وللأجيال القادمة”.

وكان مصدر مقرب من النادي، كشف في وقت سابق لوكالة فرانس برس، أن قيمة انتقال رونالدو بلغت أكثر من 200 مليون يورو، وأن اللاعب الذي قاد بلاده إلى لقب كأس أوروبا 2016 سيصل الرياض الأسبوع المقبل.

بدوره، غرّد وزير الرياضة السعودية الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل: “سعيدٌ بتواجد أحد أفضل لاعبي العالم لبدء مسيرته الجديدة في السعودية. مرحبا بك كريستيانو رونالدو في المملكة. سندعم بقية أنديتنا لصفقات نوعية مع نجوم عالميين قريبا”.

ويصل النجم البرتغالي المتوج بخمسة ألقاب في مسابقة دوري أبطال أوروبا إلى الدوري السعودي على خلفية مشاركة مخيبة في مونديال قطر وانفصال غير ودي على الإطلاق عن مانشستر يونايتد الإنجليزي الذي قرر التخلي عنه، بسبب الانتقادات العلنية التي وجهها له ولمدربه الهولندي إريك تين هاج.

بدا واضحاً في مونديال قطر لكرة القدم الذي اختتم في 18 الشهر الحالي، بإحراز غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي اللقب، أن رونالدو دخل الحقبة الأخيرة من مسيرته المظفرة بعدما اكتفى بالجلوس على مقاعد البدلاء في الدورين ثمن وربع النهائي من مشاركته الخامسة في النهائيات العالمية.

كان مونديال قطر مخيبا للآمال بالنسبة إلى رونالدو من كل الجوانب، على الرغم من أنه سجل هدف الافتتاح لفريقه في مرمى غانا من ركلة جزاء، ليصبح بالتالي أول لاعب في تاريخ كأس العالم يسجل هدفاً في 5 نسخ مختلفة.

وبعد اكتفائه بالجلوس على مقاعد البدلاء في الفوز الكاسح على سويسرا (6-1) في ثمن النهائي، دخل في الشوط الثاني من مباراة ربع النهائي ضد المغرب (صفر-1)، من دون أن يقدم أي شيء يذكر، ليذهب سدى احتفاله بخوضه 196 مباراة دولية، معادلاً الرقم القياسي المسجل باسم الكويتي بدر المطوّع.

ودخل رونالدو إلى النهائيات القطرية بصورة مشوهة إلى حد كبير، بسبب ما أدلى به بشأن مانشستر يونايتد ومدربه تين هاج، ما أدى الى التخلي عن خدماته.

وأكد المونديال القطري بما لا شك فيه أن مكانة رونالدو حتى في صفوف منتخب بلاده، لم تكن كما في السابق، ولم تشفع له مبارياته الـ196 أو حتى أهدافه الـ118 (رقم قياسي)، ليودع ملعب الثمامة وهو يبكي إدراكا منه أن الفرصة الأخيرة لمعانقة المجد العالمي قد طارت.

رفض جماهيري

وقبل مباراة ثمن النهائي ضد سويسرا، أجرت مجلة “أبولا” الرياضية الشهيرة استفتاء لدى الجمهور البرتغالي، عما إذا كان يريد مشاركة رونالدو أساسيا في تلك المباراة، وجاء جواب 70% منهم ببقائه على مقاعد اللاعبين الاحتياطيين، ربما بعد أن ضاقوا ذرعا بتصرفات اللاعب في الفترة الأخيرة.

مرحلة التراجع بدأت في الواقع عندما قرر “سي آر 7” ترك ريال مدريد الإسباني في صيف 2018 للانضمام إلى يوفنتوس الإيطالي، باحثا عن تحدٍ جديد بعد تتويجه بجميع الألقاب الممكنة مع النادي الملكي، أبرزها 4 في دوري أبطال أوروبا، بينها ثلاثة تواليا من 2016 حتى 2018.

تجربته في يوفنتوس كانت متفاوتة على صعيد النتائج مع الاكتفاء بإحراز لقب الدوري مرتين ولقب الكأس المحلية مرة واحدة، من دون أن ينقل نجاحه على صعيد دوري الأبطال إلى عملاق تورينو اللاهث خلف لقب أول منذ 1996.

لكن أرقامه الشخصية لم تتراجع أبدا إذ أنهى الموسم الأول بـ21 هدفا في الدوري و28 في جميع المسابقات، والثاني بـ31 هدفاً في الدوري و37 في جميع المسابقات، والثالث بـ29 في الدوري و36 في جميع المسابقات.

وفجأة، قرر رونالدو العودة إلى الفريق الذي منحه لقبه الأول في المسابقة القارية الأم، وحل مجدداً في “أولد ترافورد”، حيث عاش تجربة مختلفة تماماً عما كان عليه الوضع في مروره الأول بين 2003 و2009، إذ فشل حتى في التأهل مع “الشياطين الحمر” إلى دوري الأبطال بعد موسم أول مقبول على الصعيد الشخصي سجل فيه 18 هدفا في 30 مباراة بالدوري الممتاز و24 في جميع المسابقات.

ومع قدوم تين هاج إلى الفريق، بدأت الأمور تزداد صعوبة، إذ وجد نفسه مهمشا في موسم سبق انطلاقه مطالبته بالرحيل، بحثا عن خوض غمار مسابقته المفضلة دوري الأبطال، من دون أن يحصل على مبتغاه.

لكنه عرف كيف ينال مراده في النهاية عبر هذه المقابلة التي أجراها مع الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورجان في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، دافعا يونايتد إلى التخلي عنه.

ولم يعتقد أحد أن التحدي الجديد الذي يبحث عنه رونالدو سيعيده إلى منطقة الخليج، التي خاض فيها المونديال القطري، من أجل الدفاع عن ألوان النصر، الذي يبحث عن لقب في دوري أبطال آسيا.