هل تساهم التغييرات المناخية التي تشهدها البلاد في انتشار الامراض لدى الإنسان!

0 9٬142

– د. هبة زياد- المركز الطبي تسافون: “الحذر من السباحة والاستحمام في مجمعات المياه الراكدة التي تعتبر ناقلة للأمراض خاصة إذا كانت درجة حرارتها عالية”

نشهد في السنوات الأخيرة تقلبات عديدة في المناخ وتغييرات مناخية مختلفة تكاد تكون استثنائية حتى متطرفة لم نعهدها من قبل سواء في منطقتنا او في مناطق عديدة أخرى في العالم. ومن التغييرات التي ممكن ملاحظتها على سبيل الذكر لا حصر، الجفاف وانحباس الامطار الذي تعاني منه أوروبا في السنوات الأخيرة، مما أدى الى انحسار البحيرات ومجمعات المياه فيها وجفاف العديد من المناطق الزراعية. اما في منطقتنا فيُلاحظ في السنوات الأخيرة تغييرات مناخية تتمثل باشتداد الامطار خلال فترة زمنية قصيرة، وانحباسها لفترات طويلة، بينما يُلاحظ أيضا تغييرات متقلبة في درجات الحرارة خلال فترات قصيرة، كما توقعت الهيئات الحكومية ان تصل درجات الحرارة هذا الصيف الى ما يقارب 50 درجة مئوية، هذه الظاهرة التي لم نشهدها ابدا من قبل في بلادنا والمنطقة.

وكانت كميات كبيرة من الامطار قد سقطت قبل اسبوعين خلال يومين متتاليين، مع العلم ان فصل الشتاء الأخير شهد شح كبير بالأمطار، فيما اعتبر خبراء الأرصاد الجوية ان هذه الامطار تعتبر امرا استثنائيا في شهر نيسان خاصة اذا كان الحديث عن كميات امطار وصلت الى 100 ملم في بعض المناطق في البلاد.

ويبقى السؤال الأهم في هذا السياق هو كيف تؤثر هذه التغييرات المناخية على الانسان عامة خاصة إذا كان الحديث عن امراض معينة من الممكن ان تتأثر بهذه التغييرات المناخية التي نشهدها سواء في البلاد والعالم.

وكانت وزارتا الصحة وجودة البيئة قد اعلنتا الأسبوع الماضي عن وجود تلوثات خلال فحص عينات مخبرية في عدد من الجداول والانهر في منطقة الشمال حيث حذرت من ان الدخول والاستحمام والسباحة فيها يشكل خطرا عليهم. ومن بين هذه الأنهار والجداول شددت بيان الوزارة على تلوثات في كل من وادي عيون، الحاصباني، الجلبون، بانياس، شلال يهوديا، تسلمون، الجعتون، عين حردليت، كزيف.

وتحدثت د. هبة زيّد مديرة وحدة الامراض التلوثية في المركز الطبي تسافون “بوريا” مشيرة الى ان ” تأثير التغييرات المناخية على كل مرض يتعلق بطريقة نقله، فهناك امراض تنتقل عن طريق الهواء، او مصادر المياه، الرذاذ الذي ينتقل من انسان الى اخر وما شابه ذلك. فكل مرض حسب نوعيته وبحسب كيفية انتقاله للإنسان”.

وتطرقت د. زيّاد في حديثها الى ظواهر الجفاف التي نشهدها في عدة مناطق في العالم وقالت:” الجفاف قد يؤدي الى انتشار بعض الامراض التلوثية للإنسان بسبب جفاف مصادر ومجمعات المياه الامر الذي يؤدي ان تغير الحشرات والحيوانات أماكن سكناها، خاصة ان الحشرات والحيوانات تعتبر عامل رئيسي في نقل بعض الامراض التلوثية الى الانسان، إضافة الى ان بعض مسببات الامراض تنتقل لحاله معدية مع تغيير درجات الحرارة (المقصود انه المسبب، خاصة اذا كان الحديث عن مسببات مثل جرثومة او فيروس او الطفيليات، التي لا تكون معدية بدرجة حرارة معينه الا انها تصبح كذلك بتغير درجة الحرارة، الى الأعلى عادة”. مثلا الأميبا المسببة للالتهاب الدماغي هي مرض نادر جدا لكن قاتل هذه الاميبا تتحول للشكل المعدي فقط بدرجات حرارة عالية للمياه في الطبيعة، وفي السنة الماضية للأسف شخصت اول حالة من هذا المرض في البلاد.”

وعن الامراض التلوثية التي من الممكن ان نشهدها في بلادنا بسبب تغييرات المناخ قالت د. زيّاد:” مرض حمى النيل الغربي (التهاب الدماغ) او التهاب السحايا الذي ينتقل عن طريق البعوض الذي يتواجد عند المياه الراكدة خاصة، والتي قد تنجم عن جفاف او انحسار مجمعات المياه بسبب انعدام الامطار والجفاف. هنا أيضا يجب الإشارة الى اننا نتحدث أيضا عن مجمعات مياه للسباحة والاستجمام أيضا كالبحار والانهار والبحيرات والتي تعتبر حلبة لنقل الامراض التلوثية ناهيك عن مصادر مياه الشرب، فمثلا قبل اربع سنوات عانينا نوع ما من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في البلاد، مما أدى الى انتشار ما يسمى (البريميات) حيث أصيب العديد من المستجّمين ممن اغتسلوا وسبحوا بمصادر المياه في شمالي البلاد بهذا المرض، هذا المرض الذي انتقل الى الانسان من خلال القوارض التي تجمعت عند مصادر المياه الراكدة في تلك المنطقة بسبب الجفاف آنذاك. أضف الى ذلك مثلا الأميبا المسببة للالتهاب الدماغي وهي تعتبر مرض نادر جدا لكنه مرض قاتل. هذه الاميبا تتحول لمعدية فقط في مجمعات مياه ذات درجة حرارة عالية في الطبيعة، وفي السنه الماضية للأسف شخصت اول حالة من هذا المرض في البلاد”.

وأشارت د. هبة زيّاد أيضا الى ان “الكوارث الطبيعية تعتبر عاملا هاما في تكاثر الامراض التلوثية وانتقالها للإنسان خاصة اذا كنا نتحدث عن كوارث تؤدي الى انهيار البنى التحتية وتلوث مصادر مياه الشرب بسبب المياه العادمة، حيث ان هذه العوامل تساهم بشكل مباشر في انتقال المرض للإنسان، وهنالك أهمية كبيرة لتصرف الهيئات الحومية في هكذا حالات وضرورة الحفاظ والتأكد من سلامة البنى التحتية ومياه الشربة والصيانة المتكررة لهذه المنشآت للحفاظ على سلامة الانسان”.

وأوصت د. زيّاد في نهاية حديثها مشيرة الى انه “من المهم ان نعمل قدر الإمكان على التخفيف من التغييرات المناخية بما في ذلك المحافظة على جودة البيئة والوعي الكافي للمخاطر التي تهدد البيئة. كما ان تفادي هذه الامراض يكمن بالوعي أولا وثانيا من خلال الكشف والتشخيص المبكر لها والامتناع عن السباحة في المياه الراكدة خاصة اذا كانت درجة حرارتها عالية، والتأكد من سلامة الطعام لان الطعام أيضا يعتبر عامل لانتقال الامراض التلوثية أيضا”.

صورة د. هبة زياد تصوير المركز الطبي تسافون

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا