فيلم الأم يعيد جينيفر لوبيز لـ”الأكشن” بعد 25 عاما

0 6٬183

يُعرض حاليا فيلم “الأم” (The Mother) على منصة نتفليكس، معتليا قائمة الأعلى مشاهدة في العديد من دول العالم، ومعلنا نجاح بطلته “جينيفر لوبيز” في أدوار “الأكشن” التي تعود لها لأول مرة منذ فيلم “بعيدا عن الأنظار” (Out of Sight) عام 1998.

فيلم الأم إنتاج 2023، وإخراج النيوزيلندية نيكي كارو صاحبة فيلم “مولان” (Mulan) إنتاج 2020، ويشارك في بطولته كل من جوزيف فينيس ولوسي بايز وأوماري هاردويك وبول راسي وغايل غارسيا برنال.

 

“الأم”.. غياب عامل الدهشة

تدور أحداث فيلم الأم حول الشخصية الرئيسية، التي تعمل كجندية في الجيش الأميركي، ثم تنتقل للعمل مع أحد كبار تجار السلاح الضابط السابق بالجيش، وتستطيع تعريفه على شخص آخر نافذ في المجال ذاته، لكن بعد اكتشافها أنهما يتاجران بالبشر أيضًا تقرر التعاون مع السلطات بالولايات المتحدة لإيقاف هذه العمليات.

يبدأ الفيلم بالبطلة في أحد المنازل الآمنة التابعة لسلطات الـ”إف بي آي” (FBI) الأميركية، وفيه يتم استجوابها على يد الضابط ويليام كروز، لكن تقتحم قوات الشرير أدريان لوفيل المكان، وتقتل الجميع ما عدا كروز الذي تنقذه البطلة بعد إصابته بطلقة نارية، ويتم الكشف في اللقطة الأخيرة من هذا المشهد أن الشخصية الرئيسية حامل في شهورها الأخيرة، لكن ستُصاب بضربة سكين في بطنها تعرض حياتها وجنينها للخطر.

تُنقل البطلة إلى المستشفى، حيث يتم إنقاذها وجنينها من الموت، وتطلب منها سلطات الـ”إف بي آي” وضع ابنتها في قوائم التبني حماية للصغيرة من الحياة القاسية التي تعيشها الأم وخوفًا عليها من انتقام أدريان لوفيل.

وبالفعل توافق الأم التي تنتقل إلى ألاسكا لتعيش حياتها بهدوء لمدة 12 عامًا، متابعة حياة ابنتها عبر الصور الفوتوغرافية التي يرسلها لها الضابط كروز كل عام في عيد ميلادها، حتى تأتيها رسالة توضح أن الجانب الشرير استطاع الوصول إلى الهوية الحقيقية للابنة، ويتم خطفها، وبالتالي على الأم الخروج من حبسها الاختياري وإنقاذ ابنتها قبل فوات الأوان.

قصة الابنة المخطوفة التي يبحث عنها أحد والديها ليست جديدة في الأفلام السينمائية فقد تم استغلالها عدة مرات، من أشهرها ثلاثية “تيكن” (Taken) بطولة الممثل “ليام نيسون”، التي تدور كلها في إطار الاختطاف وإنقاذ المختطفين والانتقام من الخاطفين. ويمثل فيلم الأم تكرارا للثيمة ذاتها، ودون أي إضافة حقيقية، سواء من حيث القصة أو الإخراج.

الدهشة جزء أساسي من سحر السينما كما قالت الكاتبة والمنظرة السينمائية سوزان سونتاج، مشيرة إلى قدرة الفيلم السينمائي على إثارة انتباه المشاهد وكسر أفق توقعاته بشكل ما، وهو العامل الغائب تمامًا عن فيلم الأم الذي يمكن إزالة بطلته بالمؤثرات البصرية وإحلال أي ممثل من المشاهير في أفلام الانتقام والاختطاف مكانها، فلا فرق، نلاحظ ذلك حتى في تركيب المشاهد، مثل مشهد المطاردة في دولة غريبة وهو مشهد متكرر في مثل هذه الأفلام، ونجده في فيلم الأم تجري أحداثه في مدينة هافانا بكوبا.

 

خطاب غير تقليدي في فيلم تقليدي

القيمة المضافة الحقيقية لفيلم الأم هو أنه من بطولة امرأة، وإخراج أخرى، لذا يركز الفيلم بشكل مختلف على علاقة الأبوة والأمومة، فلدينا هنا أم تم إجبارها على ترك وليدتها للتبني فقط لحمايتها من الخطر، وعليها ليس فقط إنقاذها بل البقاء معها لإبعادها عن الخطر وتدريبها على فنون القتال الضرورية. فتبدأ علاقة مرتبكة بين الأم وابنتها، ويكشف السيناريو عن عدم قدرة البطلة على التعبير عن مشاعرها لصغيرتها بصورة طبيعية.

هي تحمل بالفعل شغفا وحبا لا يضاهى لكنه يظهر بشكل قاس وفج لا تستطيع الطفلة فك شفراته بسهولة.

ويتم تعزيز هذه الفكرة بظهور ذئبة “أم” حقيقية في الغابة التي تسكن على أطرافها البطلة، وهي قاسية ومرعبة بالتأكيد، لكن في الوقت ذاته حنونة وحامية لأطفالها، لتمثل وجهة نظر البطلة في الأمومة، التي لا تستطيع ممارسة الجانب الحنون منها، غير أن ذلك لا يعني أنها لا تحب ابنتها أو لا تهتم بشأنها.

وعلى الرغم من فجاجة ظهور الذئبة الحقيقية كمجاز واضح للغاية -وربما أكثر من اللازم- فإن الفكرة التي تركز على أن للأمومة صورا مختلفة عن تلك التقليدية، تبقى ذكية ومختلفة وتفتح الباب لنقاش أوسع عن مفاهيم الأمومة.

وهو الأمر الذي يفسر عدم ذكر اسم للشخصية الرئيسية، وإطلاق لقب “الأم” عليها فقط، أو إصرارها على إخفاء هوية “الأب” البيولوجي للطفلة، أو الحضور الباهت للغاية للأب بالتبني، بينما في المقابل تم التركيز على الأم بالتبني.

ويقدم فيلم الأم خطابا مختلفا عن السائد حول الأمومة، لكن يبقى دوما الأهم من الخطاب في الفيلم السينمائي الطريقة التي يتم تقديمه عبرها.

ولا يمكن اعتبار فيلم الأم عملا سينمائيا ثوريا حتى إن كان يطرح أفكارا مختلفة، لأنه كعمل فني هو أقل من المتوسط، بسيناريو سطحي ومباشر للغاية، وشخصيات لا تتطور من بداية الفيلم وحتى نهايته، وصورة سينمائية عادية، ومشاهد “أكشن” لا تتميز بالمقارنة مع أفلام الحركة الأخرى الحديثة.

يبقى في النهاية أمام المشاهد فيلم يحاول قول الكثير، لكن دون أدوات تتيح له نقل هذه الرسائل. فيلم مسل يصلح للمشاهدة مرة واحدة فقط ثم يتم نسيانه نهائيا، يترك في الحلق مرارة من الإحباط، وبعض الملل.

 

وحصل فيلم الأم على معدل 43% على موقع “روتن توماتوز”، وهو معدل متواضع بالتأكيد، ويرجع بشكل أساسي إلى أنه لم يخرج من دائرة المعتاد والمتوقع من أفلام الأكشن المشابهة، أو يقدم ما يجعله يعلق بالذاكرة.

المصدر : الجزيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا