“رجل يدعى أوتو”.. قصة عجوز غاضب لم يقدمه توم هانكس من قبل

0 9٬223

في عام 2012، نُشرت رواية سويدية بعنوان “رجل يدعى أوف” (A Man Called Ove)، لتتحول في عام 2015 إلى فيلم سويدي بالاسم ذاته، حقق نجاحا تجاريا ونقديا كبيرا، وترشح لجائزتي أوسكار منها أفضل فيلم أجنبي.

بعد ذلك بـ7 سنوات صدرت النسخة الأميركية من نفس الرواية وهذه المرة بعنوان “رجل يدعى أوتو” (A Man Called Otto) من بطولة النجم المحبوب توم هانكس، وإخراج مارك فورستر في نسخة دافئة وحزينة وكوميدية في آن واحد.

“رجل يدعى أوتو”.. عنوانه الغضب!
تدور أحداث فيلم “رجل يدعى أوتو” حول الرجل الذي يحمل الاسم نفسه ويؤدي شخصيته توم هانكس؛ عجوز حزين وعصبي، يرغب في إنهاء حياته بعد وفاة زوجته، يعد العدة لانتحار نظيف وسريع لا يفسد نظام منزله. يتصل الرجل قبلها بشركة الكهرباء والغاز ليوقف خدماتها، لكن في اليوم الموعود.

تدخل حياته جارة جديدة هي المرأة الحامل ماريسول (ماريانا تريفينو) كإعصار تصمم على إخراجه من حزنه، بينما على الجانب الآخر تحاول شركة عقارات شراء المنازل في الحي الصغير الذي يسكنه أوتو لتحويلها إلى مجمع سكني فاخر الأمر الذي يثير أعصابه، وبالتدريج يجد الأسباب التي تدفعه للحياة أكثر من تلك التي تجعله يرغب في مغادرتها.

عبر أسلوب الـ”فلاش باك” (اللقطات الاسترجاعية)، يأخذنا صناع الفيلم إلى ماضي أوتو لنتعرف على علاقته بزوجته السابقة سونيا، يعتبر هذا الأسلوب على تقليديته واحدا من أهم مميزات فيلم “رجل اسمه أوتو” وأقوى لحظاته، وقد ربط محاولات الانتحار بعودة تكشف لنا المزيد عن بطلنا وعلاقاته السابقة. وقدم شخصية أوتو الشاب ابن توم هانكس، الممثل ترومان هانكس.

التقليدية لم تحكم فقط تقنية الـ”فلاش باك”، بل كذلك كل تفاصيل الفيلم الذي لم يقدم قراءة جديدة للرواية عن الفيلم السويدي أو طرحًا مختلفًا لشخصية أوتو وجيرانه، لكن ذلك لا يعني أنه أسوأ من النسخة السويدية؛ فعلى الجانب الآخر امتلك الفيلم ميزة كبيرة وهي وجود توم هانكس الذي قدم دورا مثاليا لمواهبه.

استطاع هانكس التقلب بسهولة بين جوانب شخصية أوتو المختلفة؛ الزوج المحب والحزين مكسور الفؤاد، والرجل الغاضب الذي سلبته حادثة سيارات ابنه الذي لم يولد بعد، ثم توفيت زوجته بالسرطان فلم تكمل معه رحلة الشيخوخة، والعالم الذي يتغير بشكل سريع من حوله، والنمو الرأسمالي الذي يبتلع كل ما هو أصيل في بلاده.

توم هانكس ذو الوجوه المتعددة
أتى فيلم “رجل اسمه أوتو” أيضًا في نهاية واحدة من أكثر سنوات توم هانكس نشاطًا؛ فقد لعب دور الكولونيل توم باركر في فيلم باز لورمان “إلفيس” (Elvis)، ودور جيبيتو في “بينوكيو” (Pinocchio) لروبرت زيميكيس، و”رجل يدعى أوتو” الذي يمثل بالتأكيد مثالا ممتازا على موهبة هانكس. فبغض النظر عن مدى سخافة أوتو بالنسبة لباقي الشخصيات وتصرفاته المليئة بالإساءة، ما زلنا نحب الرجل لأنه توم هانكس.

ومع ذلك، قدم هانكس الكثير من المشاهد المؤلمة وجعل المشاهدين يعتقدون أن أوتو فقد إرادة الحياة حقا، وخاصة اللحظات التي يزور فيها قبر زوجته ويتحدث عن كيفية قدومه إليها قريبًا.

أداء ثان مميز بشكل مفاجئ للممثلة ماريانا تريفينو في دور ماريسول المرأة الحامل الدافئة التي تحمل في عروقها الدماء اللاتينية، ومثلت الشمس التي تشرق في حياة أوتو شديدة البرودة والجفاف، ماريانا ممثلة مسرحية وسينمائية مكسيكية أصبحت معروفة للجمهور المحلي من خلال دور لوبيتا في مسرحية “مينترياس” (Mentiras) الموسيقية المشهورة التي قدمت ألف عرض لها، وبعد هذا النجاح ظهرت في عدد من الأفلام الكوميدية المكسيكية ولكن هذا الدور نقلة جديدة بالتأكيد في مسيرتها، فقد وصلت لعاصمة السينما العالمية “هوليود” ومع ممثل كبير مثل توم هانكس الذي استطاعت أن تسرق منه العديد من المشاهد بأدائها الهادئ والمؤثر.

منذ اللحظة التي ظهرت فيها تريفينو في الفيلم، يمكننا أن نشعر بدفئها تجاه أوتو والمجتمع الذي أصبحت الآن جزءًا منه. ومن خلال دورها، نرى كيف يمكن لـ”أفراد العائلة” الذين نشعر بإخوّتهم دون أن نرتبط بهم بيولوجيا أن يكونوا بنفس أهمية الأسرة الحقيقية، وبطبيعة الحال، يصل فيلم “رجل يدعى أوتو” إلى أفضل لحظاته عندما تتلاشى برودة أوتو أمام حب ماريسول، وعندما نشاهد هذه الصداقة تزدهر.

لكن أكبر تغيير في اقتباس فورستر عن النسخة السويدية سواء في الفيلم أو الرواية، هو رسالته حول المكاسب الصغيرة للأشخاص العاديين الذين يعملون كمجتمع متناغم وفعال ضد شرور الشركات المجهولة الهوية، فعلى الرغم من أن المجتمع الأميركي رأسمالي بامتياز -بل هو من سوّق هذه القيمة الاقتصادية للعالم- فإن السينما الأميركية كثيرا ما تنظر إلى الرأسمالية بعين ناقدة، وهو ما يقوم به هذا الفيلم.

كل من الرأسمالية والموت هما العدو الذي يحاربه أوتو ورفاقه في الفيلم، استطاع في النهاية التصالح مع الموت، لكنه هزم الشركة مستعينًا بقوة وسائل التواصل الاجتماعي.

فيلم “رجل يدعى أوتو” ليس فيلما كبيرا سيدخل في نطاق اهتمام لجان الجوائز، لكنه فيلم دافئ ومسل وممتع ومثير للمشاعر، قادر على جذب المشاهدين سواء لقصته البسيطة أو لأداء توم هانكس وماريانا تريفينو الممتاز.

المصدر : الجزيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا