د. أنيس كلداوي : – إندومترويوزيس – هو مرض شائع لدى 10% من النساء في جيل الخصوبة

د. أنيس كلداوي
0 481

*أنسجة تشبه بطانة الرحم تظهر خارج الرحم تتأثر بالهورمونات وتعرقل حياة المرأة الشخصية والإجتماعية والزوجية* الأعراض:آلام شديدة خلال العلاقة الجنسية ووقت العادة الشهرية ونزيف غير منتظم*”أنسجة بطانة الرحم المهاجرة” قد تتوغل في الأمعاء والمثانة وتحدث انسدادات تامة فيهما*التشخيص:حسب شكاوى المرأة وفحص نسائي وأولترا ساوند والرنين المغناطيس*العلاج:دوائي أو جراحي أو بالطب البديل*هناك حاجة ماسة لإدخال الموضوع للمدارس مثل موضوع التطعيم ضد سرطان عنق الرحم*   

محمد عوّاد

تشير الإحصائيات في الأدبيات الطبية الى أنّ هناك 176 مليون امرأة في العالم يعانين من مرض يسمّى أندومترويوزيس, أو “بطانة الرحم المهاجرة” أو “التغمّد الرحمي” أو “انتباذ بطانة الرحم”, الذي يحدث عندما تنمو أنسجة بطانة الرحم خارج تجويف الرحم. وقد اكتشف أطباء النساء والتوليد في السنوات الأخيرة أنّ 50% من النساء اللواتي يلاقين صعوبة في الإنجاب يعانين من هذا المرض.

حول هذا المرض وأعراضه وطرق التشخيص والعلاج أجرينا هذا اللقاء الخاص مع الدكتور أنيس كلداوي أخصائي طب النساء والتوليد والجراحة النسائية الذي إنضم مؤخراً لوحدة الجراحة النسائية في مستشفى العائلة المقدسة في الناصرة لجراحة الاندومترويوزيس التي تعتبر من أصعب العمليات النسائية من حيث التقنيات وتحتاج الى المهارة والخبرة.

الصنارة: ما هو مرض الأندومترويوزيس ؟

د. كلداوي: لغاية الآن, هذا المصطلح غير متداول في المجتمع العربي ومن المهم أن يعتاد النساء على تداول اسم اندومترويوزيس أو “الانتباذ البطاني الرحمي” أو بطانة الرحم المهاجرة”, وللتسهيل نقول “البطانة المهاجرة”. إنه مرض موجود عند حوالي 10% من النساء ، أعراضه تظهر عند النساء في جيل الخصوبة أي منذ بداية ظهور العادة الشهرية لغاية جيل 50 – 51 سنة.  ففي الرحم هناك بطانة تجوّفه من الداخل, ولكن في حالة الاندومترويوزيس هذه البطانة تهاجر أي تخرج من الرحم..

 

الصنارة: هل هي نفس البطانة التي تخرج من الرحم أو أن أنسجة تشبه بطانة الرحم تتكوّن خارج الرحم؟

د. كلداوي: السؤال ممتاز ولكن لغاية الآن لا نعرف الجواب . هناك أكثر من نظرية تفسّر هذه المشكلة, وفي نهاية المطاف تتكون أنسجة مشابهة للبطانة الموجودة داخل الرحم خارج الرحم أي لا تكون في المنطقة المناسبة.

 

الصنارة: أين تظهر بالضبط؟

د. كلداوي: قد تظهر على أي عضو في جسم الإنسان, ولكن الأكثر شيوعاً هو ظهورها في منطقة الحوض أو على المبايض وعلى أنابيب فالوب الموصلة بين المبايض والرحم أو في مراحل متقدمة أكثر قد تكون أيضاً في أي منطقة أخرى في البطن أو قد تنتشر الى أماكن أبعد بحيث تظهر على القلب من الخارج أو حتى في المخ, ولكن هذا في حالات نادرة جداً جداً. إننا نتحدث عن مشكلة وجود أنسجة تشبه أنسجة بطانة الرحم في المنطقة الخطأ وبالأساس في منطقة الحوض.

 

الصنارة: ما هي أعراض المرض؟

د. كلداوي: الأعراض نقسمها الى قسمين أساسيين: الأعراض اليومية والأعراض الخاصة بالإخصاب. العارض الأساسي يكون أوجاع شديدة وقت حدوث الدورة الشهرية, قبل حدوث النزف ووقت النزف وأحياناً بعد النزف. وجميع الأعراض الخاصة بهذا المرض تتفاقم وقت العادة الشهرية, فالأعراض تكون دورية وتزداد في فترة الحيض. كذلك هناك بعض النساء اللواتي يشتكين من حالات انتفاخ في البطن وخلال العادة الشهرية يزداد هذا الانتفاخ أكثر.

 

الصنارة: الدورة الشهرية بشكل عام تسبب أوجاعاً للمرأة..

د. كلداوي: نعم. الكثير من النساء يعانين من أوجاع خلال الدورة الشهرية ولكننا نتحدث عن أوجاع خارجة عن نطاق العادة, وهذا ما يسبب لنا مشكلة في عملية التشخيص.

 

الصنارة: ماذا تقصد بأوجاع خارجة عن العادة؟

د. كلداوي: هناك نساء يواجهن آلاماً  في البطن والظهر لفترة 10 أيام لغاية أسبوعين. وعندما أسأل إحداهن عن قوة الأوجاع في سلم من واحد الى عشرة تقول: “من تسعة الى عشرة”.. وهذا يعني آلاماً شديدة جداً مما يعرقل حياتها الشخصية والاجتماعية والعملية والزوجية. فالأوجاع تبدأ قبل حدوث العادة ببضعة أيام وتزداد بشكل مكثّف خلال النزف مما يضطرها الى أخذ مسكنات الأوجاع بشكل مكثّف.  ومن الأعراض أيضاً حصول نزيف غير منتظم بحيث يحصل النزيف عدة مرات خلال الشهر. كذلك تحصل أوجاع خلال العلاقة الجنسية, والحديث عن أوجاع قوية جداً, قد تكون أوجاعاً خارجية أو أوجاعاً داخلية قوية وعميقة خلال العلاقة الزوجية بسبب الاحتكاك بشيء داخل البطن.

وحيث أنّ هذه الأنسجة قد يكون على الأمعاء أو على المثانة (كيس البول) فإنها قد تتوغل الى داخل الأمعاء أو المثانة, وفي حالات نادرة قد تسبّب انسداد تام في الأمعاء, الأمر الذي يضطر المرأة الى الخضوع على عملية جراحية طارئة بسبب التشنج في منطقة الأمعاء, الوضع الذي يشبه ورماً سرطانياً لا يسمح للبراز من الخروج بشكل عادي. وعندما تكون هذه الأنسجة على الأمعاء أو كيس البول تحصل تغييرات في الأعراض التي تشمل الجهاز الهضمي وجهاز البول وقت العادة الشهرية..

 

الصنارة: هل توضح لنا هذه النقطة؟

د. كلداوي: المرأة التي تعاني من هذه المشكلة خلال العادة الشهرية تخبرني بأنها خلال العادة الشهرية تكثر من الدخول الى الحمام بسبب الإسهال. فهذه الأنسجة الموجودة على الأمعاء تتهيّج خلال فترة العادة الشهرية وتؤدي الى إسهال أو الى شفط وحرقة خلال عملية التبويل.

كذلك قد يحصل نزيف دموي من كيس البول أو من الأمعاء بسبب توغل هذه الأنسجة بشكل عميق الى كيس البول أو الأمعاء.

هذه الأنسجة الموجودة في تجويف البطن تؤدي الى أعراض عديدة, حسب المكان الذي تكون فيه. وأحياناً يكون الأمر معقّداً أكثر ويكون فر ق ين ما تشعر به المرأة وبين ما نراه داخل البطن. فقد تكون الأعراض متقدمة جداً وحياة المرأة اليومية معرقلة بشكل كبير بسببها, ولكن من خلال فحص الناظور قد لا تظهر حالة متقدمة للمرض, وقد يكون العكس, أي أن تكون هناك أورام كبيرة ولكن الأعراض غير واضحة بشكل جلي.

 

الصنارة: هل الأورام التي تتسبب من هذه الأنسجة حميدة أم خبيثة؟

د. كلداوي: في أغلب الحالات الورم يكون حميداً وفي حالات نادرة جداً قد يتطور الى ورم خبيث. سؤالك هذا مهم جداً لأننا نعرف أنه في حال ظهور ورم بحجم أكبر من 5 سنتيمتر فإن هذا يُلزمنا باستئصاله خوفاً من أن يتطور الى ورم خبيث.

 

الصنارة: هل يؤثر هذا المرض على الإنجاب؟

د. كلداوي: إننا نشخص وجود مشكلة في الإنجاب لإذا كان هناك زوجان حاولا الإنجاب ولم ينجحا خلال سنة. وفي حالات المرأة التي لديها الأعراض التي تحدثت عنها لا ننتظر سنة, بل نصف سنة يكفي.

الاندومترويوزيس يسبب مشكلة في الإخصاب لسببين: الأول لأن هذه الأنسجة تشبه الأنسجة الموجودة داخل الرحم, فما يحصل هو أنها تكتسب سماكة خلال العادة الشهرية بسبب الفعاليات الهورمونية (التي لا تفرق بين الأنسجة بداخل أو خارج الرحم). وبدلاً من أن تخرج هذه الأنسجة وقت النزيف وتتدفق الى خارج جسم المرأة تبقى الأنسجة الموجودة خارج الرحم محبوسة في جسم المرأة, وهذا الانحباس يؤدي الى تهيّج واضطراب في المنطقة ويؤدي الى التهاب غير جرثومي, الذي يسبب أوجاعاً شديدة والى إلتصاقات التي قد تؤدي الى انسداد الأنابيب, بحيث لا تتمكن البويضة من الوصول الى الرحم وهكذا لا يحصل لقاء بين الحيوانات المنوية والبويضة, بسبب انغلاق المعبر.

والسبب الثاني الذي قد يُعرقل حدوث الحمل هو لأن الأورام الموجودة حول المبيض تفرز مواد وهورمونات مختلفة  تعرقل حصول الحمل بسبب المسّ بجودة البويضة. اليوم نعرف أنّ نسبة النساء اللواتي  لديهن اندومترويوزيس من بين اللواتي يواجهون مشكلة بالحمل  تعادل حوالي 50%, واليوم الأطباء المتخصصين بمعالجة مشاكل الإنجاب يسألون الأسئلة حول وجود أوجاع شديدة خلال العادة الشهرية ومدة محاولات الحمل بدون نجاح.

الصنارة: هل يمكن تشخيص هذه الظاهرة من بداية ظهورها؟

د. كلداوي: كما ذكرت, هذه المشكلة تبدأ عادة مع ظهور أول دورة شهرية, ولكن ما يحصل هو أنّ التشخيص يحصل بتأخير حوالي عشر سنوات.

 

الصنارة: ألا يظهر في مرحلة متقدمة من العمر مثلاً في جيل 40 سنة أو أكثر؟

د. كلداوي: لدى غالبية النساء الإندومترويوزيس  هو مرض مزمن متقدّم. ولكن هناك إمكانيات عديدة وتختلف من امرأة لأخرى.

 

الصنارة: هل هناك أسباب وراثية للمرض؟

د. كلداوي: هناك تأثيرات وراثية ولكن مع تأثيرات بيئية. والتأخير في التشخيص يحصل لأنّ المرض شفاف, أي أن الأعراض المذكورة هي أعراض دارجة وتكون حاجة للنظر بالمجهر للتفريق بين هذه الأعراض.

 

الصنارة: كيف يتم التشخيص؟

د. كلداوي: بالأساس التشخيص يتم من خلال شكوى المرأة وهنا الحاجة لأن يكون شخص مختص في المجال كي يلتقط الرموز الصغيرة في الشكاوى ويربط بين الأعراض ويسأل الأسئلة المهمة ذات الصلة. المرحلة الثانية هي الفحص النسائي, بحيث يتم فحص منطقة المهبل ومنطقة الرحم, نفحص خلاله إذا كان الرحم متحركاً أم لا, ففي حال وجود إلتصاقات حوله تكون حركته في الحوض أقل من المعتاد. ونتحسّس إذا كانت هناك أورام. واليدان التي تملك التجربة تتحسّس وجود قروح في الجهة الأخرى للرحم. كذلك نستخدم الاولتراساوند  لفحص وجود قروح في الجهة الأخرى للرحم. كذلك نستخدم الاولتراساوند لفحص وجود ورم. وفي بعض الحالات نحتاج الى آليات أخرى وإجراء فحص رئيسي المغناطيسي (M.R.I), وهذا نستخدمه عندما تشمل الأعراض الجهاز الهضمي وجهاز البول للتأكد من أن هذه الأنسجة لا تتوغل في الأمعاء أو كيس البول, وعندها سنكون مضطرين لعملية أكبر ، والتشخيص النهائي يكون عن طريق عملية, بواسطة كاميرا يتم إدخالها الى البطن من ثقب عن طريق السُرّة, وهذه تعتبر عملية تشخيصية علاجية في آن واحد.

 

الصنارة: هل يظهر أنسجة الإندومترويوزيس في تجويف البطن بشكل واضح في هذا التشخيص العلاجي بواسطة الكاميرا؟

د. كلداوي: في غالبية الحالات نعم, خاصة عندما يجري العملية أشخاص مختصون وذوو خبرة كبيرة في المجال. وفي بعض الحالات تكون صعوبة  في التشخيص مثل حالات وجود الأنسجة على الجهاز الهضمي الموجود خلف الرحم, ففي بعض الحالات تكون هذه المنطقة ملتصقة ببعضها والنظر خلال الكاميرا لا يبيّن هذا الالتصاق, وهنا تكون الحاجة لوجود التجربة والخبرة الجراحية للطبيب.

الصنارة: كيف يتم العلاج؟

د. كلداوي: بعد التشخيص والتأكد من وجود اندومترويوزيس فإن العلاج يقسم الى ثلاثة أقسام أساسية: الأول هو علاج دوائي غير جراحي, الثاني هو علاج جراحي والثالث هو علاج بديل (بالطب الصيني أو الأعشاب). أنا أنظر للعلاج بشكل شمولي الذي يشمل الجسد والنفس والروح, خاصة أننا لا نعرف بالضبط ما هي مسببات المرض ولكن إحدى النظريات تقول إن هذه الأنسجة التي تنزل عن طريق المهبل تتدفّق عن طريق الأنابيب وتلتصق في منطقة الحوض.

في العلاج نضع المرأة في المركز ونخيِّط “الفستان” المناسب لكل امرأة حسب أي مرحلة عمرية موجودة فيها. فشابة في جيل 20 سنة تزوجت حديثاً وتعاني من أوجاع خلال العلاقة الجنسية أو لا تنجح في الدخول الى حمل يختلف عن علاج امرأة في جيل 45 سنة ولديها 6 أولاد ولا تريد الإنجاب اكثر, ولكنها تعاني من أوجاع وأعراض متطورة.

 

الصنارة: كيف تعالجون كلاَ منهما؟

د. كلداوي: الشابة الصغيرة التي لا تعاني من أوجاع وتسعى الى الدخول الى حمل لا تناسبها ابداً فكرة استئصال الرحم. أما المرأة التي في جيل أكثر من 45 وعندها أولاد ولديها مرض في عضلة الرحم والأعراض المذكورة فإنّ علاجها قد يشمل استئصال الرحم. والعلاج الأساسي للشابة الصغيرة هو استخدام الحبوب المسيطرة على الهورمونات النسائية, وهذا هو التعبير الدقيق لما يُسمى حبوب منع الحمل, وذلك لأن الحديث يدور حول حصول نزيف كل دورة شهرية تؤدي الى تهيّج هذه الخلايا داخل وخارج الرحم بسبب الهورمونات ،فإن العلاج الأساسي يعتمد على وقف حدوث الدورة الشهرية. وهذا يلائم أيضا شابات عزباوات لا يمارسن العلاقة الجنسية ويعانين من اندومترويوزيس. ومنع حدوث الدورة الشهرية كل شهر يقود الى تسكين هذه الخلايا بسبب وقف تأثير “الوقود” الذي يثيرهن أي الهورمونات.

 

الصنارة: الا توجد تأثيرات سلبية مستقبلية لاستخدام هذا العلاج؟

د. كلداوي: كلاّ إلا بحالات نادرة جداً جداً. ففي كل نوع علاج ننظر الى التوازن بين الايجابيات والسلبيات. فالمرأة التي تعاني من الأعراض فإنّ العلاج بالحبوب المسيطرة على عمل الهورمونات له إيجابيات أكثر بكثير من التأثير السلبي. وهذا العلاج يخفف الوجع بشكل كبير وأيضاً يمنع تفاقم المرض, ويحسّن جودة الحياة سواء لفتيات عزباوات أو لمتزوجات. مع التأكد أنه كلما تقدم المرض تقل فرص الإنجاب للمرأة. من التجارب فإنّ غالبية النساء اللواتي يعانين من الأندومترويوزيس لا يحتجن عملية جراحية.

الصنارة: وكيف يتم التعامل مع امرأة معنية بالحمل؟

د. كلداوي: عندها يتم وقف علاجها بحبوب منع الحمل, وإذا مرّت فترة تزيد عن نصف سنة أو سنة بدون حمل فإنها تكون بحاجة الى مساعدة وذلك حسب وضعها.

 

الصنارة: ماذا يشمل العلاج الجراحي؟

د. كلداوي: يشمل, اللاپرسكوبيا (العلاج بالمنظار) بحيث يتم ، من خلال ثقب في السّرة وبعض الثقوب في أطراف السرّة ، إدخال الآليات مع كاميرة ووسيلة إضاءة الى داخل البطن, بعدها يتم نفخ البطن بالغاز وبهذه الطريقة نشخّص المرض ونجري استرجاع الأعضاء التناسلية الى الأماكن الصحيحة. وكل ذلك يتم بتخدير كلي, وخلال ذلك نقوم بفتح الالتصاقات الموجودة ونزيل الأورام عن المبايض, إذا وُجدت, وكذلك نفحص إذا كانت الأنابيب مفتوحة أم مسدودة, ونقوم باستئصال الأورام المتسبّبة من الأنسجة وهذا بحدّ ذاته يخفّف الأوجاع بشكل كبير.

 

الصنارة: هل النساء والفتيات في مجتمعنا العربي واعيات لهذه الظاهرة؟

د. كلداوي: كلا, لذلك أفكّر في اقتراح إدخال الأسئلة الخاصة بتشخيص الاندومترويوزيس الى المدارس ، كما تم إدخال  موضوع التطعيم ضد سرطان عنق الرحم،بحيث تسأل ممرضة الفتيات في جيل 13 سنة فما فوق عن هذه الأعراض فالإحصائيات تشير الى أنّ من بين كل 10 فتيات توجد واحدة, وعندها يتم فحصها وعلاجها منذ البداية وليس الانتظار اكثر من عشر سنوات وعندها قد يكون الوقت متأخراً.

 

الصنارة: وما هو العلاج بالطب البديل؟

د. كلداوي: نظرتي للطب البديل ،وآمل أن نطوّره في المستقبل ،هي أنّ صحة الإنسان  ليست جسدية فقط بل نفسية واجتماعية أيضاً  ويجب الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل  فالألم له أسباب عديدة. العلاج يجب أن يشمل كل مركبات الصحة, فالمرض بحد ذاته قد يؤدي الى مشاكل نفسية فهو مرض مزمن, كذلك قد تسبّب بعض المشاكل الاجتماعية تفاقم المرض. الطب البديل يشمل: فيزوثراپيا للحوض وهذا يساعد على تخفيف الوجع أثناء العلاقة الجنسية. كذلك الطب الصيني (أكو بونكتورا) يساعد. والعودة الى الطبيعة تساعد, أي الأكل الصحي والتقليل من الدهون الحيوانية والاقتراب أكثر الى مأكولاتنا العربية وزيت الزيتون والمأكولات الغنية بالمواد المانعة للأكسدة. بالإضافة الى ذلك أن تتحدث المرأة عن الموضوع مع زوجها كي يحصل تفاهم حول ما تمر به, لأنّ هناك أزواج لا يتفهمون مدى معاناة الوزوجة بسبب الاندومتويوزيس أثناء العلاقة الجنسية ويلقون اللوم على المرأة. فكل الأمراض المزمنة لها مُركّب طبي ومركّب نفساني – روحاني.

كذلك هناك علاج بالإعشاب ولكن لا توجد أبحاث علمية تثبت ذلك, ومع أني لست خبيراً بهذا النوع من العلاج إلاّ أنني أعرف أن هناك كثيراً من النساء اللواتي يتعالجن بالطب الصيني وبالأعشاب وهذا العلاج يساعدهن, المهم أن تكون النظرة شمولية.

 

الصنارة: هل يمكن تشخيص الأندومترويوزيس عن طريق فحوصات دم عادية؟

د. كلداوي: كلا لا يمكن, واليوم يحاولون إجراء فحوصات لمكوّنات معينة من اللعاب للتشخيص ولكن لغاية الآن لم يتم أي فحص من إثبات نفسه لهذا الغرض.

 

الصنارة: هل بعد الدخول الى الحمل قد يسبّب الاندومترويوزيس الإجهاض المتكرّر؟

د. كلداوي: كلا لأنّ بعد حصول الحمل يحصل لدى نسبة كبيرة من النساء تحسّن من حيث الآلام وباقي أعراض الاندومترويوزيس وذلك لأن خلال فترة الحمل لا يحص ارتفاع وانخفاض للهورمونات في جسم المرأة, ولأنّ خلال الحمل لا توجد دورة شهرية. الهورمونات تكون بمستوى عالٍ ولكنها تكون مستتبّة.

 

الصنارة: هل المرأة التي عانت من اندومترويوزيس وبعدها أنجبت عدة مرات, معرّضة لأن يعود اليها المرض؟ 

د. كلداوي: نعم لأننا نتحدث عن مرض متقدّم الذي يتطور مع الوقت, وبدون علاج سيكون لدى غالبية المصابات تقدّم بالأعراض المميزة له ففي كل دورة شهرية يكون تهيّج للمنطقة ونزيف والتصاقات ويواصل المرض تطوره. وهذه من الأسباب المهمة لإعطاء العلاج المبكّر والتوعية للمرض.

 

الصنارة: وهل ينتهي المرض بعد انقطاع الطمث كلياً؟

د. كلداوي: لدى غالبية النساء يحصل تحسّن ملحوظ بعد انقطاع الطمث بسبب اختفاء التردّدات في مستوى الهورمونات. قد تبقى أوجاع معيّنة في الالتصاقات اذا بقيت بدون علاج. المشكلة الكبرى هي خلال فترة خصوبة المرأة.

 

الصنارة: هل هناك فحوصات وقائية لتجنّب حدوث المرض؟ أو من أجل الاكتشاف المبكّر؟

د. كلداوي: الاكتشاف المبكر هو أهم هدف في هذه المقابلة. فعندما تظهر أعراض المرض لدى الفتاة يجب الاّ تنتظر فترة طويلة قبل أن تعرض نفسها على طبيب نساء أو أن تؤجل ذلك الى ما بعد الزواج. في مجتمعنا العربي نادرة هي الحالات التي تتوجه فيها فتيات عزباوات الى طبيب النساء ومن الأهمية بمكان أن يعرف الأهالي أنّ هناك إمكانية للفحص وأنه ليس كل فحص يتم عن طريق المهبل. الإدراك في مجتمعنا العربي حول هذه الظاهرة يقترب من الصفر, ومن الضروري رفع الوعي لهذا الموضوع مع التأكيد على أن قبل 50 – 60 سنة  لم يكن علاج لهذا الموضوع أما اليوم فهناك عدة طرق للعلاج. وهناك جمعية تدعى “جمعية اندومترويوزيس” الغالبية الساحقة للعضوات فيها من المجتمع اليهودي. لا توجد أي مجموعة دعم لهذا الموضوع في المجتمع العربي وباللغة العربية. لذلك يجب أن يحصل تغيير في هذا الأمر. فعلى الأهالي والفتيات أن يعرفوا أنّ ليس كل دورة شهرية يجب أن تكون مرفقة بأوجاع قوية.

د. أنيس كلداوي – بطاقة تعريف

– د. أنيس كلداوي (35 عاماً) من مواليد حيفا

– تخرج من كلية الطب في التخنيوت بامتياز

– تخصّص في طب النساء والتوليد في مستشفى الكرمل

– عمل منذ تخرجه في مستشفى الكرمل وفي السنوات الأخيرة عمل في الجراحة النسائية كثيفة التوغّل (لاپرسكوبيا) في الوحدة المتخصّصة بمجال الاندومترويوزيس, وهي الوحدة الوحيدة في منطقة حيفا والشمال, وهو الطبيب العربي الوحيد المتخصص في هذا المجال في البلاد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا