جامعة تل ابيب تقرّر مَنح الدّكتوراة الفخريّة للصّحفيّ والكاتب عطاالله منصور

0 7٬249

 

قرّرت جامعة تل أبيب منح الدّكتوراة الفخريّة للصّحفيّ والكاتب عطاالله منصورعلى مسيرته الحياتيّة المهنيّة لحوالي سبعة عقود في مجال الصحافة والكتابة الطلائعيّة في البلاد. وكان رئيس الجامعة البروفيسورأريئيل بورات قد أعلم الأستاذ عطاالله منصور بذلك هاتفيّا يوم الأربعاء الماضي.

ولد عطالله بطرس منصور في في قرية الجشّ في الجليل الأعلى عام 1934، وترعرع فيها حتى عام 1953 حيث انتقل بعدها ليسكن في مدينة النّاصرة حتى يومنا هذا. بدأ منصور مسيرته الصحفية عام 1954 في مجلة “هعولام هزيه” كأول صحفيّ عربيّ فلسطيني يكتب بالعبريّة في الصّحافة العبريّة في البلاد، ليتبعها في صحيفة هآرتس كمراسل في الجليل، القدس، الضّفّة الغربيّة وانجلترا، وككاتب مقالات وتحليلات وزاوية أسبوعيّة فيها حتّى عام 1991. خلال تلك الفترة، كتب منصور عن كلّ المفارق الهامّة للدّولة والمواطنين العرب في البلاد مثل حرب 1956 والحكم العسكريّ على المواطنين العرب، حرب الأيام السّتّة وظروف الحياة في القدس الشرقية والضفة بعدها، حرب 1973، يوم الأرض، اتّفاقيّات السّلام مع مصر، حرب لبنان الأولى والثانية، وطبعًا الحياة السّياسيّة، الاقتصاديّة، والاجتماعيّة للمواطنين العرب في البلاد. خلال السّنوات كانت له عدّة سابقات صحفيّة وصلت الى الصّحافة العالميّة حيث كان أول صحفيّ عربيّ يقابل دافيد بن جوريون، وهو أول صحفيّ وصل الى موقع حرق المسجد الأقصى عام 1968 ونظرًا لتعليمات الرقابة العسكرية لم يكن بالإمكان النشر في البلاد فقام بارسالها للوكالات الأجنبية التي عمل معها. كما كان أول من كتب عن اندلاع حوادث يوم الأرض ولربّما كانت مساهمته الأهم هي نشر خبر عن عملية الجيش في هدم قلقيلية ومحاولة الجيش لتهجير أهلها مباشرة بعد عام 1967 ولكن مساهمته بنشر الخبر أعدلت الجيش عن مخطّطه.

 

بعد تقاعده من صحيفة هآرتس، عمل منصور في صحيفة “عل همشمار” وأيضًا في صحيفة “القدس”. ما زال حتّى يومنا هذا نشيطًا في الكتابة ويعكف على كتاب بالعبريّة حول مسيرته المهنيّة طيلة سبعة عقود.

في بداية الثّمانينات من القرن الماضي، اشترك منصور في تأسيس أول صحيفة أسبوعيّة عربية غير حزبيّة في البلاد وهي جريدة الصّنّارة والتي كان محرّرًا فيها لعدّة سنوات.

كما نشر منصور مقالات في كبرى الصحف والوكالات الصحفيّة في أمريكا وانجلترا في مواضيع تخُصّ المواطنين الفلسطينيين العرب في البلاد وبضمنها Associated Press .
لم يكمل عطاالله منصور تعليمه المدرسيّ بسبب أحداث نكبة 1948 حيث نجت قريته بأعجوبة بالرغم من تهجير معظم سكّان قرى قضاء صفد، ولكنه ثابر كأبناء جيله بالتّمسُّك بالوطن وبناء حياتهم من جديد في الظروف والتّحدّيات الجديدة، وشقّ طريقه في المجال المهني. حصل في بداية السبعينيات على منحة خاصّة ليتعلّم في جامعة اوكسفورد البريطانية المرموقة ودرس فيها العلوم السياسية والاقتصاد وكتب أطروحة عن المبنى السّياسيّ الطّائفيّ في لبنان بإرشاد العلّامة الشهير البروفيسور البرت حوراني.
إضافة لعمله الصّحفيّ، فقد نشط عطاالله منصور في كتابة الكتب، فكتب أول رواية باللغة العبريّة يكتبها كاتب غير يهودي بعنوان “في نور جديد” عام 1966 وحازت وقتها على أصداء واسعة. كما نشر 9 كتب سياسيّة، تاريخيّة، روائية وسير ذاتيّة باللغات العربيّة، العبريّة، والانجليزيّة. فعلى سبيل المثال، نشر كتابًا بحثيًا باللغة العبريّة بالاشتراك مع الصحفيّ عوزي بنزيمان عن سياسة حكومات إسرائيل تجاه المواطنين العرب في إسرائيل في العقود الثلاثة الأولى منذ تأسيس دولة إسرائيل، وذلك بعنوان “قاطنون ثانويون דיירי משנה” (عام 1992) وكتاب آخر بالانجليزية عن تاريخ المسيحيّين العرب في الشرق (بعنوان “كنائس ذات ابواب ضيقة” Narrow Gate Churchesعام 2004) وكتاب مذكّرات آخر بالعربيّة بعنوان “حفنة تراب لزنابق الحقل” في ذات العام (2004).
يبلغ اليوم الأستاذ عطاالله التاسعة والثمانين عامًا وقد توفيّت زوجته المربيّة افلين غريب منصور نهاية عام 2010. هو أب لثلاثة أولاد: بطرس وبدر وسمر وله سبعة أحفاد.
هذا وستمنح جامعة تل ابيب شهادة الدّكتوراة الفخريّة لعطاالله منصور في احتفال خاص مع مُكرمين آخرين في شهر أيار 2023.
وكانت اللّجان المختصّة في جامعة تل أبيب قد إتّخذت قرارها بمنح الأستاذ عطاالله الدّكتوراة الفخرية بعد اطّلاعها على مسيرته المهنية وعلى نماذج من كتاباته ومؤلفاته الغنية، وبعد استلامها عدّة توصيات.
فقد قال الصحفيّ المخضرم والقدير من “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنيّاع في توصيته أنّ عطاالله منصور مهّد الطريق للصحفيّين العرب بعده، وأسّس جسرًا من الكلمات بين مجتمعين وثقافتين ويشهد أنّ عمله الصحفي قد إمتاز بالمصداقيّة، الاستقامة، الشّجاعة والمعرفة الواسعة.
أمّا المؤرخ المعروف الدكتور توم سيغيف فقال في توصيته لجامعة تل ابيب أنّه ليس هناك مَن عمل أكثر من عطاالله منصور للتّقارب بين اليهود والعرب ولاندماج العرب من إسرائيل في حياة الدولة.
اما الصّحفيّ المعروف عوزي بنزيمان من “هآرتس” ومحرّر صحيفة “العين السابعة” فكتب يقول أنّ عطاالله منصور هو طلائعيّ بين الكُتّاب العرب من مواطنيّ إسرائيل، والذي توجّه للجمهور اليهود باللّغة العبريّة وأوضح للجمهور الإسرائيلي منذ سنوات الدولة الأولى عن مشاعر العرب، صعوباتهم وتعاملهم مع الوضع الذي فرض عليهم نتيجة لحرب 1948. لقد فعل ذلك بأسلوب محترم منضبط وبلهجة تعبّر عن رغبة في التّعايش وبذات الوقت حافظ على قواعد العمل الصّحفيّ. وأجمل بنزيمان توصيته بالقول أنّ منح الدكتوراة الفخريّة لعطاالله منصور سيجلب الاحترام أيضًا لجامعة تل ابيب نفسها.
أمّا الدكتور عمر مصالحة وهو باحث من كليّة جبعات حفيفا الذي قدم توصية، فكتب يقول أن عطاالله منصور “منح الالهام لكثيرين ليسيروا في أعقابه وأنا أحدهم”
وكان الوزير الدكتور نحمان شاي من حزب العمل قد قدّم توصيته هو الآخر كونه عمل صحفيًّا زميلًا لعطاالله منصور في الماضي. وقال في التوصية أنّ منصور ساهم مساهمة غير اعتياديّة للتعايش اليهوديّ – العربيّ وبذات الوقت حافظ على هويّته العربيّة. لقد افتخر بانتمائه العربي وبذات الوقت وجد حلقات وصل بينها وبين المجتمع الإسرائيليّ. كما أضاف الوزير نحمان شاي ان كتابات عطاالله منصور الأدبيّة كانت غنيّة وذات أوجه عديدة. ولقد أظهر في عمله الصّحفيّ وشخصيّته الشّجاعة، المصداقيّة، الاستقامة والمهنيّة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا