الاعتداءات على المعلمين: تهميش القيم الاجتماعية وغياب الردع والعقاب 

0 10٬535

تقرير: صالح حسن معطي


يلاحظ أنه مع مرور السنوات، تضعضعت قيمة المعلم في المجتمع العربي، ولم يعد لبيت الشعر الذي كبرنا عليه: “قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا” قيمة تذكر ولم يعد شعارا للطلاب والأهالي، كما كان الحال لسنوات طِوال خلت.

ونشهد في أيامنا الاعتداءات على المعلمين والمعلمات من قبل الطلاب أو ذويهم داخل نطاق المدرسة أو خارجها، وتصاعدت تلك الاعتداءات لتصل إلى مديري المدارس وباستعمال السلاح، وآخر هذه الأحداث كان إطلاق نار على مدير مدرسة في مدينة اللد، ويأتي ذلك في ظل غياب الردع والعقاب وفقدان المعلم لهيبته أمام الطلاب، عكس ما كان متعارفا عليه لسنوات طويلة، وبدعم من أهالي الطلاب الذين باتوا اليوم أول من يقف في وجه المعلمين حتى لو كان ابناؤهم على خطأ، أي بعكس الجملة الشهيرة التي كانت تقال للمعلم ” الك اللحم وإلنا العظم”.

نلقي الضوء في هذا العدد على ظاهرة الاعتداءات وكيفية الخروج منها، من خلال لقاءات أجراها مراسل موقع “الصنارة نت” وصحيفة “الصنارة” مع معلمين أنهوا خدمتهم الرسمية في التعليم وانتقلوا إلى مجالات أخرى، على أن نقوم بمعالجة صلاحيات المعلم وقوانين وزارة المعارف التي ساهمت في تفاقم ظاهرة الاعتداءات في العدد القادم.


علق المربي المتقاعد يونس جبارين، على هذه الظاهرة قائلا للصنارة:”أعتقد بأن التكنولوجيا الحديثة التي أخذت تغزو بيوتنا سلبت منا قيم التربية، فدور الأب في البيت أصبح هامشيا في غالبية الأحوال. للأسف ظاهرة الاعتداء على المعلمين المقيتة والمزعجة، أسبابها عديدة منها عدم قيام الأب بزيارة المدرسة ومتابعة أمور ابنائه، وكذلك الدور البارز الذي يتحتم على الآباء القيام به”.

وأضاف جبارين :”يجب على الأهل الوقوف بجانب المعلم وليس بجانب الطالب، لان هدف المعلم في النهاية هو مصلحة الطالب فقط، وللأسف نرى الكثير من الملفات في أقسام الشرطة تفتح ضد المعلمين في كافة انحاء البلاد من الشمال وحتى الجنوب”.

وعن الحلول قال مقترحا:” يجب على المجتمع أن يأخذ دوره ويقف بجانب المعلم في ظل القوانين المجحفة بحقه، ويجب ان يكون هنالك دور للمساجد والكنائس وحتى للشرطة، وتقديم محاضرات توعوية للأهالي وخاصة الأزواج الشابة”.

المحاضر والمربي علي خليل جبارين، مسؤول ملف التربية والتعليم في بلدية أم الفحم قال:” للأسف الأمور صعبة على كافة الأصعدة لان المجتمع العربي يمر بأزمات ليست بالبسيطة، ولكن المعلم صاحب الرسالة هو الذي يتخطى هذه المصاعب ويدرك أن هنالك هدفا أسمى يعمل من أجله وقضية أكبر من ذاته، يقابل كل هذه المصاعب ويحول التحديات الى فرص رغم أن التحديات والصعوبات كبيرة، ولكن من إجل بناء مجتمع وإنقاذه من دوامة العنف والجريمة، فإن دور المعلم يبقى الأهم رغم كل ما يعاني منه، ويبقى هو الأساس لبناء المجتمع”.

وحول قيمة المعلم بين الماضي والحاضر قال علي خليل جبارين:” للأسف نرى تدنيا في ظاهرة احترام الطلاب للمعلمين، ولكن نعود ونقول انه لا يوجد بديل للمعلم مهما حدث وحصل وأي محاولة من تقليل احترام المعلم هي محاولة تضر بالمجتمع”.

المدير والمربي السابق ومسؤول ملف الثقافة في بلدية ام الفحم، وجدي جبارين قال للصنارة: “مهنة المعلم منذ الأزل هي مهنة صعبة جداً ومليئة بالمتاعب، ولكن للأسف مع ظروف الحياة الجديدة والحداثة التي لم نستغل منها الا القشور والسلبيات ، بدأت هيبة المعلم تضعف تدريجيا. نحن نقول ان المعلم هو الموجه الأول وهو أول من يوجه الطالب والانسان والطفل الى المستقبل، إذا لم نعط المعلم الاحترام الكافي والاعتبار والهيبة، فلن نستفيد وستغرق مدارسنا ويغرق مجتمعنا في الجهل والتخلف”.

وأضاف جبارين:” يجب على الأهالي مراجعة أنفسهم والوقوف الى جانب المعلم، لأن احترام المعلم واجب دائم ومستمر، حفاظاً على طلابنا ومدارسنا وعلى مستقبل هذا المجتمع الذي يعاني من الجريمة والعنف في السنوات الأخيرة بشكل كبير”.

وأشار عضو الكنيست السابق والمحاضر د. يوسف جبارين في حديثه مع “الصنارة” إلى أنه: “رغم المصاعب في جهاز التربية والتعليم، يواصل المعلمون طريق التعليم وتنشئة الأجيال بكرامة واخلاص ومحبة، وما يحدث في مجتمعنا يقلقنا. أصبحت القضايا الأساسية التي تقلق بال مجتمعنا هي العنف والجريمة وما يتبعهما، وباتت هذه الأمور تتغلغل الى جهاز التربية والتعليم! نحن نقول ان رسالة التعليم هي رسالة مقدسة، هذه خطوط حمراء، علينا نبذ العنف والعودة الى القيم التي لطالما كنا نعتز بها ونؤكد عليها ونذكرها من جيل الى جيل، وخاصة احترام المعلم من أجل إعادة الهيبة الى جهاز التربية والتعليم من جديد. ونأمل ان يكون هنالك نشاطات لتكريم المعلمين ودعمهم حتى نؤكد على اهمية دور المعلم في بناء المجتمع والأمة وأن نحمي المعلم وجهاز التربية والتعليم من اعمال العنف والجريمة. يجب التأكيد على دور المعلم والمدرسة بتنشأة الأجيال الجديدة في مجتمعنا”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا