(ممول) – فوق الجلد وتحته: كيف نتعامل مع إكزيما الجلد (“أتوبيك ديرماتيتيس”)

close up mother holding kids hands with allergic rash or eczema. severe allergic reaction, atopic skin
0 4٬328

التهاب الجلد التأتّبي، “أتوبيك درماتيتيس”، أو إكزيما الجلد، هو التهاب يصيب تقريبًا خُمس السكّان وشائع جدًا لدى الأطفال. لماذا يحدث هذا الالتهاب وما هو العلاج الأكثر نجاعةً له؟
يشكو مرضى إكزيما الجلد بالأساس من الإحساس بالحكّة، التي قد تكون قاسية ومزعجة، خاصةً في ساعات المساء والليّل، وتؤدّي إلى الأرق وصعوبة في النوم. وبموازاة ذلك يظهر طفح جلدي على الجسم. عند حدوث نوبات المرض، يظهر الطفح الجلدي باللّون الأحمر مع إفرازات وقشور الجروح (ندوب)، وقد يصبح المرض مزمنًا أكثر ويتميّز بجلد سميك متشقّق ومع قشور. عند الأطفال، يكون الطفح الجلدي في منطقة الوجه بالأساس، وبعد ذلك يظهر الطفح الجلديّ في مناطق ثنايا الجسم، مثل ثنية الركبة أو الكوع. عند البالغين، يظهر الطفح الجلدي بالأساس في منطقة الوجه، الرقبة واليدين.
رغم أن 80% من المرضى يكون لديهم المرض بصورة خفيفة، إلّا أن 20% من المصابين به يعانون منه بدرجات قاسية وصعبة ويؤثّر بشكل كبير على جودة حياتهم. تأثير المرض على المظهر الخارجي، خاصةً لدى المرضى البالغين، حيث يظهر الطفح الجلدي لديهم في مناطق مكشوفة (مثل الوجه واليدين)، من الممكن أن يؤثّر على تصوّرهم الذاتي، وبتعاملهم اليومي مع ذاتهم ومع الآخرين. للمرض تأثير على العلاقة الزوجية، على العلاقات الاجتماعية وحتى على الحياة المهنية. وقد أثبتت الأبحاث أنه مقارنةً مع أشخاص معافين، فإن مرضى إكزيما الجلد يميلون أكثر للتغيّب عن العمل أو الدّراسة. وفي الحالات الصعبة، يطوّر بعض المرضى أعراض الهلع والذعر، الاكتئاب، الأفكار الانتحارية والشعور بالعُزلة الاجتماعية.
قد يؤثّر المرض على أعمال ونشاطات حياتية بسيطة أيضًا، مثل: الاستحمام الذي قد يسبّب الجفاف للجلد ويزيد من حدّة الشعور بالحكّة، أو ممارسة الرياضة، التي قد تسبّب هي أيضًا تفاقم المرض نتيجة ارتفاع حرارة الجسم والتعرّق. بالإضافة، لمس مواد التنظيف أو مستحضرات العناية (مثل المكياج أو الحلاقة) قد يسبّب الشعور بالألم ويهيّج الجلد، ولذلك على الكثير من المرضى الامتناع عن لمس الكثير من المواد والمستحضرات، مثل الأقمشة الاصطناعية والصّوف. ومن هنا، فإن تحسّن المرض أو أعراضه الخارجية قد يؤدّي إلى تحسّن كبير في جودة حياة المريض والمحيطين به في الكثير من الجوانب الحياتية.
علاج المرض
التهاب الجلد التأتّبي (إكزيما الجلد) يحدث نتيجة إصابة الطبقة الخارجية للجلد (“أبيدرميس”) ونشاط غير مُنضَبِط لجهاز المناعة. ولذلك فإن الهدف من العلاج الطبّي للمرض هو تحسين حالة الجلد والحدّ من نشاط جهاز المناعة المتزايد. هناك ضرورة للتشخيص الصحيح لمرض “أتوبيك ديرماتيتيس”، وخاصةً عند البالغين. ولذلك من المفضّل أن يتم فحص الشخص البالغ، الذي قد يكون مصابًا بالمرض، من قِبِل طبيب جلد الذي يملك الأدوات المطلوبة لتشخيص المرض ومعالجته، وبالمقابل نفي إمكانية وجود مرض جلديّ آخر قد يحتاج علاجًا مختلفًا.
علاج المرض معقّد وفي أغلب الأحيان طويل الأمد. المرحلة الأولى مع التشخيص هي تغيير نمط حياة المريض، ويشمل ذلك توصيات يجب المواظبة على اتّباعها يوميًا، ومن بينها دهن كريم الترطيب على الجسم بشكل يومي، والامتناع عن استخدام صابون الاستحمام العادي واستبداله بزيت للاستحمام. وفي إطار العلاج الدوائي، ومن أجل التخفيف من أعراض المرض، هناك مستحضرات فعّالة وناجعة للدهن الموضعي، مع أو بدون ستيرويدات والتي تقلّل أو تحدّ من نشاط الالتهاب الجلدي. هذا العلاج يجب أن يكون خاضعًا للرقابة، لأن استعمال كريمات الستيرويد باستمرار قد يؤدّي إلى تغييرات وأضرار للجلد لا علاج لها.
من المعتاد استخدام مستحضرات مضادة للهيستامين لتخفيف الحكّة، وفي الحالات الصعبة للمرض تستخدم أيضًا أقراص لتثبيط عمل جهاز المناعة. في حالات معيّنة تُعطى علاجات بالمضادات الحيوية لعلاج الالتهاب الثانوي الذي يرافق الالتهاب الجلديّ. كذلك يتم أيضًا استخدام علاج بالأشعة فوق البنفسجية، (“فوتوترابيا”) في معاهد طبيّة متخصّصة لذلك.
في الفترة الأخيرة، ومع تقدّم الأبحاث والخبرة في مجال الآليات المناعية التي تعتبر أحد العوامل المركزية للمرض، تم تطوير علاجات جديدة ومتقنة تتمحور بالعلاج المباشر ضد مسبّبات الالتهاب وليس فقط تخفيف الأعراض. التقدّم العلمي في هذا المجال واسع جدًا ويمنح المرضى الأمل بالحصول على تغيير واضح في سيرورة مرضهم وبالتالي في حياتهم ككلّ.
من حقّ مرضى “أتوبيك درماتيتيس” الاستمتاع بحياة طبيعيّة وصحّية
يعتبر مرض “أتوبيك ديرماتيتيس” في الكثير من الحالات كمرض خفيف يختفي مع التقدّم بالعمر. في حالات كثيرة هذا هو الوضع بالفعل، ولكن بسبب حدّة المرض في بعض الحالات، من المهمّ معالجته بالطريقة الصحيحة.
تحت الجلد قد يصيب مرض التهابي جهاز المناعة، وفي مثل هذه الحالة علاج أعراض المرض فقط لن يشكّل حلًّا كافيًا للكثير من المرضى. بسبب المعاناة والتأثيرات الاجتماعية والنفسية للمرض على المرضى، يجب العمل على مساعدة المرضى ليتسنّى لهم الاستمتاع بحياة جيّدة وصحّية.
الكاتب هو طبيب كبير في قسم الجلد، المركز الطبّي “هداسا” عين كارم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا