“لغز جريمة القتل 2”.. تسلية عالية الجودة للاستهلاك مرة واحدة فقط

0 8٬140

عرضت منصة “نتفليكس” (Netflix) في عام 2019 الفيلم الكوميدي “لغز جريمة قتل” (Murder Mystery) الذي شهد عودة جينيفر أنيستون وآدم ساندلر للعمل معا. ورغم أن التقييمات النقدية كانت متدنية بنسبة لم تتجاوز 45% على موقع “روتن توماتوز” (Rotten Tomatoes)، إلا أنه جذب اهتمام 30.9 مليون مشاهد في أول 72 ساعة من عرضه، وبالتالي كان من الطبيعي إنتاج جزء آخر أُعلن عنه في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

مؤخرا، عرضت المنصة الأميركية الجزء الثاني من الفيلم، وحصد حوالي 42 مليون مشاهدة في أول أسبوع، وشق طريقه إلى قائمة أكثر 10 أفلام مشاهدة في 91 دولة بمجرد صدوره.

Murder Mystery 1
الجزء الأول من فيلم “لغز جريمة قتل” لم يحصل على تقييم جيد من طرف النقاد (الجزيرة)

تسلية لا يمكن مقاومتها

يعرِّف الجزء الأول من فيلم “لغز جريمة قتل” المشاهدين على بطليه أودري ونيك سباتز، الأول ضابط شرطة محدود النجاح، والثانية مصففة شعر وعاشقة روايات الإثارة والجرائم، يتورط الزوج في رحلة إلى أوروبا وعد بها زوجته قبل 15 عاما، وخلالها يشهدان جريمة قتل، وتشتبه بهما الشرطة، فيكون الحل إيجاد الجاني.

يبدأ الجزء الثاني بتوضيح ما قام به الزوجان خلال الفترة بين الفيلمين، حيث استقال كل منهما، وافتتحا وكالة للتحقيق، وبعد نجاح محدود للغاية يدعوهما صديقهما المهراجا الهندي لحفل زفافه، ولكن الرحلة مرة أخرى تتحول إلى مغامرة عندما يتم اختطاف العريس ويكون عليهما البحث عن الخاطفين.

حبكة كل من الجزء الأول والثاني في غاية البساطة بالفعل، لم تقدم أي جديد عن الأفلام الأخرى التي تنتمي لذات النوع، ولذلك من الضروري طرح سؤال لماذا شاهد الملايين “لغز جريمة قتل” بجزئيه؟ هل بسبب جاذبية أبطاله الذين استطاعوا الاستمرار في العمل والتمثيل رغم أفول نجم الكثير من زملائهم في نفس الجيل؟ أم لعنوانه الذي يجعل المشاهدين يظنون أنهم أمام عمل على شاكلة روايات أغاثا كريستي؟

الإجابة هي نعم، حققت جينفر أنيستون مع آدم ساندلر نجاحا معقولا في فيلمهما الأول بعنوان “فقط اذهب معها” (‎Just Go With It) عام 2011 -والمتوفر أيضا على نفس المنصة- ولا يزال الجمهور يشاهده حتى الآن، لذلك كان قرار عودتهما بفيلم “لغز جريمة قتل”.

الجزء الأول من الفيلم كان منطقيا في ظل بحث نتفليكس على أعمال تجلب لها المزيد من المشتركين وتروي عطش المتفرجين لأفلام مسلية وبسيطة تصلح للتسلية بعد يوم عمل طويل، ولا تحمل أفكارا فلسفية عميقة، أو يعاني أبطالها من أزمات وجودية عنيفة، فقط بطل وبطلة جذابان يقومان بمغامرات، ويتعرضان لمواقف كوميدية مضحكة.

عنوان الفيلم كذلك يقدم وعودا يفي بها، فرغم الهالة الهزلية التي تحيط العمل بشكل عام إلا إنه يحتوي على جريمة وتحقيق، تجعله النسخة الأكثر خفة من سلسلة أفلام “أخرجوا السكاكين” (Knives Out).

في ذات الوقت يحمل هذا العنوان ميزة أخرى عبر تركيبة تتوافق مع محركات البحث، حيث العنوان بسيط يحتوي على الكلمة المفتاحية “جريمة قتل” (Murder) ما يعني ظهوره في نتائج الكثير من الأنواع الفرعية مثل الجريمة والإثارة والقتل والتشويق، وبالتالي عدد أكبر من ساعات المشاهدة.

 

منصات كثيرة وأفلام أكثر

منذ سنوات ليست ببعيدة لم يكن عدد القنوات التلفزيونية يتعدى أصابع اليد الواحدة، وقد تضاعف العدد مع انتشار القنوات الفضائية التي أتاحت للمشاهدين محتوى غير محدود، ولكن ظلت تفتقد خاصية المشاهدة عند الطلب والإطلاع على كل جديد يوما بيوم، وهو ما جاء مع عصر المنصات الإلكترونية المتعددة عندما أصبحت الأفلام تُعرض عليها فقط، أو بعد العرض السينمائي بأسابيع محدودة على الأكثر، لتكون المنافسة الحقيقية هي الطريقة التي تجذب بها كل منصة أكبر عدد من المشتركين وجعلهم يشاهدون أطول عدد من الساعات.

أحد العوامل التي ساهمت في انتشار “لغز جريمة قتل” (Murder Mystery) أكثر وزيادة ساعات مشاهدته؛ وجوده من الأساس على قائمة العشر الأعلى مشاهدة على المنصة، فالمستهلك العائد لمنزله بعد يوم طويل سيجد أمامه فيلما شاهده قبله الملايين وبالتالي يتوقع أنه فيلم جيد بما يكفي وتكتمل هذه الدائرة التي تضمن نجاح الفيلم وأمثاله.

لهذا السبب يعتبر “لغز جريمة قتل” عملا لا يصلح سوى للمنصات وليس العرض السينمائي الذي يحتاج لمشاهد إيجابي يقرر النزول من منزله والذهاب لصالة السينما ودفع ثمن التذكرة، بينما مشاهد المنصة أكثر تقبلا للأعمال الفنية العادية والمتواضعة، ويُقبِل على النجوم المألوفين بالنسبة له، وخاصة في الأفلام التي تناسب المشاهدة العائلية.

يقدم الفيلم لمشاهديه بالتأكيد تجربة عالية التسلية، مغامرة وبحث عن مجرمين، ورحلة إلى أوروبا، يتسلق أبطاله برج إيفل، ويخوضون سباق سيارات على ضفاف نهر السين، يجعل المتفرجين يجربون بشكل غير مباشر نمط حياة المليارديرات، فقد ركز النصف الأول منه عبر مشاهد طويلة على الجزيرة الخيالية التي يتم فيها حفل الزفاف، وتمهل في استعراض الحفل المأخوذ مباشرة من الأفلام الهندية بينما ترقص البطلة الأميركية الجميلة مرتدية “الساري” ويطارد الممثل الخمسيني فيلا هاربا.

إن التسلية والاستماع الغرض الأساسي من الأفلام السينمائية، والسبب في انتشار هذا الفن بشكل سريع للغاية حول العالم، وفيلم “لغز جريمة قتل” (Murder Mystery) عمل يصلح لهذا الغرض بالضبط، ولن يخيب ظن جمهوره ما لم يطالبونه بوعود لم يتعهد بها من الأساس.

المصدر : الجزيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا