“كل شيء في كل مكان في وقت واحد”.. هل يصبح الحصان الأسود لجوائز 2023؟

0 6٬907

في عام 2022 عُرض فيلم مستقل محدود الميزانية باسم غريب هو “كل شيء في كل مكان في وقت واحد” (Everything Everywhere All at Once) بإنتاج أميركي، لكن بطاقم عمل من الآسيويين وينتمي لعالم الخيال العلمي، ويتناول الأكوان المتوازية لكن من وجهة نظر الفلسفة الآسيوية.

ولم يتوقع أي من صناع هذا الفيلم في أقصى أحلامهم طموحًا النجاح الواسع الذي حظي به؛ من اهتمام الجمهور والنقاد، ومعدل 95% على موقع “روتن توماتوز” ( Rotten Tomatoes)، و10 ترشيحات في جوائز البافتا، فضلا عن فوزه بجائزة أفضل فيلم في جوائز اختيار النقاد وحصوله على جائزتين من غولدن غلوب، فماذا سيفعل هذا الحصان الأسود في جوائز الأوسكار؟ وكيف تحوّل إلى أسطورة الأفلام المستقلة لهذا العام؟

 

فيلم يقدم كل شيء

“كل شيء في كل مكان في وقت واحد” فيلم درامي كوميدي بخيال علمي من إنتاج 2022 وإخراج دانيال كوان ودانييل شاينرت (المعروفين باسم “دانيلز”)؛ أنتجاه بالاشتراك مع الأخوين روسو.

تدور الحبكة حول مهاجرة أميركية من أصل صيني (تؤدي الدور ميشيل يوه) تكتشف أثناء تعاملها مع مصلحة الضرائب الأميركية أن عليها الاتصال بنسخ الكون الموازية لها لمنع كائن قوي من تدمير الكون المتعدد.

وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” الفيلم بأنه “دوامة من فوضى النوع”؛ فهو يحتوي على عناصر من الكوميديا السريالية، والخيال العلمي، والفانتازيا، وأفلام الفنون القتالية، والرسوم المتحركة.

عُرض الفيلم أول مرة في مهرجان “ساوث باي ساوث إيست” (South by Southwest) في مارس/آذار 2022، ثم في عرض سينمائي محدود قبل إصدار الفيلم في أبريل/نيسان من العام نفسه، ليحقق نجاحا تجاريا وإيرادات تجاوزت 104 ملايين دولار مقابل ميزانية 25 مليون فقط، ليصبح أعلى أفلام الأستوديو المنتج “إيه 24” (A24) إيرادًا.

حصل الفيلم على إشادة كبيرة لمؤثراته البصرية المميزة على بساطتها وتصميم الأزياء الخاصة به، وروح الدعابة والإخراج والمونتاج، وتعامله مع مواضيع مثل الوجودية والصراع بين الأجيال والعدمية والعبث والهوية الأميركية الآسيوية بشكل ذكي وغير معقد في آن واحد.

وأهم الجوائز التي حصل عليها حتى الآن هي أفضل فيلم من اختيار النقاد. وعلى الرغم من عدم وجود صلة مباشرة بين هذه الجائزة وجوائز الأوسكار، فإن جمعية النقاد هذه اكتسبت سمعة قوية بقدرتها على تخمين جائزة أوسكار أفضل فيلم.

ففي السنوات العشر الأولى من هذا القرن تطابق الفائزون بهذه الجائزة من جوائز اختيار النقاد مع الأوسكار 8 مرات، ولم يختلفوا سوى في عامي 2004 و2005، لكن في السنوات الـ11 الماضية أصبحت نسبة التطابق 50%، منها حالة فيلم “شكل الماء” (The Shape of Water) و”أرض الرحل” (Nomadland).

 

 

الجوائز تتجه نحو التجارب الخاصة؟

إذن، ما الذي يعنيه الفوز بجائزة النقاد؟ وكذلك ترشيحات البافتا والفوز بغولدن غلوب، هل تتبع الأكاديمية المقدمة لجوائز الأوسكار هذا السيل العارم من الاستحسان؟

المؤشرات تقول إن ذلك مرجح بشدة مع 5 ترشيحات لجائزة “ساج” (SAG) و8 ترشيحات لجوائز “الروح المستقلة” (Indie Spirit)، ويبدو الأمر كما لو أن صناعة السينما والجوائز جاهزة الآن لدعم السينما المستقلة، وأصبحت هناك حماسة مشابهة لما حدث مع أفلام “طفيلي” (Parasite) و”كودا” (CODA) الأول كأول فيلم كوري جنوبي يصل إلى هذه المساحة الواسعة من المشاهدين من كل العالم، والثاني بسيناريو نسبة كبيرة منه مكتوبة بلغة الإشارة، مع طاقم عمل أغلبه من الصم والبكم، والملاحظ أن هذين المشروعين فازا بالفعل بأغلب جوائز العام، ومنها جائزة أوسكار لأفضل فيلم من أكاديمية علوم وفنون السينما، الجائزة الأرفع، ليدخلا التاريخ حقيقة.

وفوز فيلم “كل شيء في كل مكان في وقت واحد” (Everything Everywhere) سيكون تغييرًا مطلوبًا في التفكير التقليدي للمتنافسين على جائزة الأوسكار، فلم يعرض العمل في دائرة المهرجانات المعتادة للمرشحين بالأوسكار مثل “كان” و”فينسيا” و”تورنتو”، فعرضه الأول كان في مهرجان “ساوث باي ساوث إيست” وهو ليس منصة إطلاق المهرجانات النموذجية لعمل ينافس على جائزة أفضل فيلم.

على الناحية الأخرى، قد يمثل عامل العرق ميزة إضافية للفيلم تزيد من حظوظه، فمع محاولة لجان الجوائز الآن الحث على التنوع العرقي، وبفيلم طاقمه من الآسيويين والأميركيين أصحاب الأصول الآسيوية فهذا يعني على الأقل منافسة على جوائز الممثلين.

وبالفعل فازت بطلة الفيلم “ميشيل يوه” بجائزة غولدن غلوب لأفضل ممثلة وترشحت لجائزة بافتا، وبالمثل بطل العمل “جوناثان كي كوان” الذي قد يسعده الحظ هذا العام بجائزة أوسكار كذلك.

الآن، كيف سيتعامل أعضاء لجنة التصويت على جوائز الأوسكار مع فيلم قائم على القفز بين الأكوان المتعددة يجمع بين الخيال العلمي والكوميديا، وهي الأنواع التي لا تقدرها الأكاديمية بشكل عام، ولا تحصل في الغالب سوى على جوائز تقنية؟ هذا بالإضافة إلى عرض الفيلم على منصة رقمية لهؤلاء الأعضاء مما يفسد بعضا من سحر مشاهدة هذا العمل بعيدًا عن الشاشة الكبيرة.

فيلم “كل شيء في كل مكان في وقت واحد” حاول تقديم كل شيء من الفلسفة حتى الخيال العلمي، ويبدو أنه سيفوز بكل شيء؛ الإيرادات الكبيرة، وإعجاب النقاد، وحماسة الجمهور، و239 فوزًا و 344 ترشيحًا حتى الآن في عالم الجوائز.

ومن المنتظر إعلان قائمة ترشيحات جوائز الأوسكار في 13 فبراير/شباط القادم، وسيقام حفل توزيع الجوائز في الـ12 من مارس/آذار.

المصدر : الجزيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا