الضحك حتى البكاء.. أشهر أفلام الكوميديا السوداء

0 9٬071

قد تكون أكثر الأشياء التي تُضحكنا، هي أبعد ما يكون عن الكوميديا أو الخفة، ومع ذلك فإننا نضحك، ربما لعبثية الفكرة، أو صعوبة الموقف، أو لأن الضحك عوضا عن البكاء هو السلاح الوحيد لدينا لمواجهة الألم والتوتر، ووسيلتنا الأسهل للحفاظ على رباطة جأشنا أمام ما تُلقيه الحياة على كاهلنا من مشكلات.

الفكرة نفسها يعتنقها صانعو أفلام “الكوميديا السوداء” الذين يعرفون كيف يعثرون على الفكاهة المظلمة بين جنبات القصص والحكايات، ومن ثمّ يستخدمونها لتمرير الدراما والأفكار الملهمة المنسوجة بمهارة بين طبقات متعددة من النكات المعقدة، مما يجعل تلك النوعية من الأفلام غير مناسبة للجميع بالضرورة وإنما لها جمهورها الخاص والمخلص الذي يُقدِّرها ويُبشّر بها ويبحث عنها طوال الوقت.

وبالنظر إلى العقد الأخير يمكننا أن نرى كيف كانت الحياة صعبة وحالكة، بين حروب وإرهاب ووباء وأزمة مالية طالت اقتصاد العالم أجمع، الأمر الذي جعل بيئة هذا الواقع تُنتج عددا هائلا من أفلام “الكوميديا السوداء”، إليكم أشهرها:

مت أو انتمِ للقطيع

يورغوس لانثيموس مؤلف ومخرج يوناني يحترف الأعمال التي تضرب وترا حساسا طوال الوقت، تبدو للوهلة الأولى بعيدة تماما عن واقعنا، لكن ببعض التدقيق نستطيع أن نتعرّف إلى أنفسنا بين سطور الحكايات، أو نرى ما يُشبه عالمنا، هناك داخل أروقة عالمه الغريب الفانتازي المليء بالخيال الاستثنائي والأقرب إلى الأساطير، فنشهد نوعا خاصا من الكوميديا شديدة السواد، نتمنى ألا نكون يوما أحد أبطاله.

من بين أعماله نذكر اليوم فيلم “جراد البحر” (The Lobster) الذي صدر في 2015 وجاء من بطولة كل من كولين فاريل، وريتشل وايز، وأوليفيا كولمان.

تدور أحداث الفيلم في عالم بعيد، يفرض على قاطنيه العيش في ثنائيات، فمن توفى شريكه أو انفصل عنه، صار عليه الإقامة بأحد المنتجعات بنية العثور على شريك آخر يجمعهما عامل مشترك واضح مهما بدا سطحيا، وإلا سيكون مصيره الموت إذا انقضى 45 يوما بدون ذلك.

يدفع ذلك الكثيرين للاحتيال وانتحال الصفات والسلوكيات للعثور على شريك، أما صاحب الحظ الأفضل فينجح بالهرب، ليس بعيدا وإنما إلى أحضان الطبيعة، حيث تقبع جماعة أخرى ترفض الحب جملة وتفصيلا، وتفرض على من يعثر عليه عقوبة لا تقل سوءا عن الموت.

تُرى كيف سيكون موقفك إذا لم تجد الحب في العالم الأول ووجدته في الآخر؟ تلك هي الإشكالية التي يقع بها البطل، الذي يجد نفسه فريسة سهلة بين فَكّي عالمين لا يقلان عن بعضهما تطرفا، وعليه أن يثور على أحدهما وينتمي للآخر أو يمت.

احترس مما تتمنى

الترشيح الثاني هو فيلم “أغنية باستر سكراغز” (The Ballad of Buster Scruggs) أحد أعمال نتفليكس الأصلية، والذي صنفه “المجلس الوطني لمراجعة الأفلام” ضمن أفضل 10 أفلام في 2018.

الفيلم ينتمي لفئة أفلام الغرب الأميركي مع الكثير من الدراما والموسيقى والكوميديا، وهو من تأليف وإخراج “الأخوين كوين” المعروف عنهما براعتهما بهذا النوع من الأعمال طوال مشوارهما كما جرى بأفلام مثل “فارغو” (Fargo) و”يُحرق بعد القراءة” (Burn After Reading) و”رجل جاد” (A Serious Man).

الفيلم بطولة جماعية شارك بها كل من تيم بليك نيلسون ووليام نيسون وجيمس فرانكو وزوي كازان وغيرهم، يتضمن 6 قصص مختلفة، تتبع كل منها أحد الأبطال لنشهد معه أحلامه وتصوراته الساذجة عن المستقبل الذي ينتظره، غير أن الحياة سرعان ما تفاجئه بجرعة مضاعفة من الحظ العاثر وسخرية القدر التي تهدم كل ما بناه أو تمناه يوما بضربة واحدة وبلا هوادة.

لا تقتل نفسك وإلا قتلتك

مارتن ماكدونا، مخرج وكاتب سيناريو أيرلندي، حاز على الأوسكار وبافتا البريطانية وغولدن غلوب، تتسم أعماله بفلسفتها البسيطة التي يمزجها بخلطة خاصة تجمع بين التراجيديا والكوميديا مستعرضا خلالها الشرور الإنسانية، لكن ليس بما يكفي لنكره الأبطال، وإنما لنرى نقاط ضعفهم وما خلف أفعالهم البغيضة، لنكتشف أننا جميعا “سيكوباتيون” خفيفو الظل بطريقة أو بأخرى.

يلعب ماكدونا بذكاء وحرفية في منطقة الكوميديا السوداء، مما جعل هذه السمة طاغية على غالبية أعماله وإن كان أشهر أفلامه التي تنتمي لتلك الفئة، فيلم “في بروج” (In Bruges) وفيلم “المختلون السبعة” (Seven Psychopaths).

وبالحديث عن فيلم “في بروج” سنجده يتمحور حول اثنين من القتلة المأجورين، يخفق أحدهما بمهمته الأخيرة، فيوكل زعيمهم للآخر قتل الأول على أن يأخذه في رحلة إلى بروج للترفيه عنه بأيامه الأخيرة، وسرعان ما تتوالى الأحداث في إطار هزلي وغير متوقع.

إياك والغضب على الطريقة الأرجنتينية

يمكن اعتبار “حكايات برية” (Wild Tales) أحد أهم الأفلام الأرجنتينية وفقا لشهادة النقاد عام 2014، وهو مناسب تماما للانضمام لقائمتنا، إذ يتضمن 6 قصص مختلفة تمحورت كلها حول ثيمة الغضب.

وفي كل حكاية، نتابع البطل فيما يتعرّض لموقف ما يفقد على إثره أعصابه، ومن ثمّ يتخذ رد فعل يُخالف كل التوقعات. بداية من الشاب الذي قرر الانتقام من كل من آذوه يوما فجمعهم في طائرة قرر قيادتها بنفسه، والعروس التي اكتشفت خيانة عريسها خلال الزفاف، والفتاة التي تعمل نادلة في مطعم يرتاده الرجل الذي سبق أن دمر حياتها، وغيرها من الحكايات المميزة والفريدة التي لا تلبث أن تُجبر المشاهد على أن يسأل نفسه، تُرى ما الذي كنت سأفعله لو كنت مكان هؤلاء الغاضبين؟

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا