الخبير الاقتصادي إياد الشيخ احمد للصنارة :” المعاناة من ارتفاع الأسعار مضعافة في المجتمع العربي”

0 9٬687
  • “الصنارة” تحاور إياد الشيخ أحمد، مراقب حسابات وخبير اقتصادي ومحاضر في كلية “سفير” وجامعة بئر السبع: 
  • المعاناة من ارتفاع الأسعار في المواد الأساسية مضاعفة في المجتمع العربي، خاصة وأن أكثر من 40% من الأسر تعيش تحت خط الفقر

زياد شليوط


شهدت البلاد في الفترة الأخيرة ارتفاعا في أسعار المواد الأساسية وخاصة في فرع الأغذية ومنها الدجاج واللحوم، مما ينعكس سلبا على عموم المواطنين وخاصة العائلات العربية التي تكثر من استهلاك هذه الأغذية، وبالذات أن مجتمعنا قادم على أعياد الفصح المجيدة وشهر رمضان الفضيل، مما يزيد من الأعباء المالية على هذه العائلات والضغوط الاقتصادية التي تعاني منها عادة، وتزداد سوءا مع تغير معادلات المعونات المالية وفوائد القروض وتورط العديد منها بالحصول على قروض في السوق السوداء. أمام هذا الوضع المعقد أجرت “الصنارة” لقاء خاصا مع الخبير الاقتصادي والمحاضر إياد الشيخ أحمد من عبلين، شرح فيه أسباب وتداعيات التضخم الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد وانعكاسه على العائلات العربية.

الصنارة: مؤشر الأسعار ارتفع في كانون الثاني بـ 0.3% وبهذا وصلت سرعة التضخم الاقتصادي الى 5.4% وهو الأعلى ويسجل رقما قياسيا منذ 2008 ماذا يعني ذلك بلغة الحياة اليومية؟

إياد: هذا يعني أن القيمة الشرائية للعملة أقل، أي ما تمكن المواطن من شرائه بنفس القيمة المالية قبل شهر لا يمكنه اليوم وبحاجة لأن يدفع اليوم أكثر. وهذا مؤشر سلبي لأنه يشكل ضغطا على الطبقات الضعيفة والفقيرة التي تعاني أصلا من تمويل الحياة المعيشية اليومية، وهذا الأمر يزيد من العبء عليها. وهذا أيضا يؤثر على الطبقات الوسطى، لأن ارتفاع الأسعار لا يقابل بارتفاع المعاشات. نحن نعيش منذ فترة طويلة في مرحلة ارتفاع الأسعار، لكن الأجور والمعاشات لا ترتفع بنفس الوتيرة، لذا عندما يحصل ارتفاع بالأسعار فان ذلك يؤثر بشكل سلبي على الجميع.

الصنارة: شهد الشهر الماضي تراجع في قوة الشيكل مما رفع الأسعار للأعلى، ما الرابط بين الأمرين؟

إياد: عندما تكون قيمة الشيكل أقل معناه ارتفاع سعر الدولار. ولأن كثيرا من السلع هي مستوردة من خارج البلاد، فانه عندما يرتفع الدولار مقابل الشيكل فان المواد المستوردة تقل. أذكر أنه في السنوات التي وصل فيها سعر الدولار الى 3.3 ش.ج، افتقدنا من أسعار الرحلات الرخيصة خارج البلاد وهكذا عندما يكون الشيكل ضعيفا، فان جميع المواد المستوردة يرتفع سعرها، وأيضا ترتفع تكاليف السفر خارج البلاد وترتفع تكاليف التعليم لمن يدرس خارج البلاد، أود التنويه الى ان قوة الدولار التي حصلت عام 2022 أثرت على التضخم المالي في العديد من دول العالم ولدينا في اسرائيل. 

الصنارة: لماذا كان نصيب الدجاج والبيض كبيرا في ارتفاع الأسعار؟ وهل سيجر ذلك ارتفاعات في فروع أخرى وما هي؟

إياد: ارتفاع الأسعار في هذه الفروع، حصل بعد ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود والأرنونا، واليوم أتى دور الدواجن والبيض نتيجة ارتفاع أسعار العلف في العالم، جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وأيضا بسبب ارتفاع أسعار النقل البحري. نحن نعاني من تكاليف النقل البحري مما أدى الى ارتفاع العديد من المواد المستوردة، وهذا يؤدي لارتفاع تكاليف الانتاج مما يؤدي الى ارتفاع في الأسعار. وهناك أيضا في اسرائيل احتكار من قبل المنتجين وهذا الأمر يؤدي الى استغلالهم لأوضاع السوق وزيادة الأسعار.

الصنارة: من يتضرر برأيك أكثر جراء هذا الغلاء، المجتمع اليهودي أم العربي ولماذا؟

إياد: الضرر يلحق الجميع، ولكن نتحدث عن المجتمع العربي الذي يحوي أكثر من 40% من الأسر التي تعيش تحت خط الفقر، فالمعاناة من ارتفاع الأسعار يكون مضاعفا في المجتمع العربي.

الصنارة: كيف يؤثر مؤشر الأسعار على العائلات العربية بشكل عام وهي معروفة أنها متوسطة ومتدنية الدخل، خاصة وأننا مقبلون على شهر رمضان الفضيل وفيه تكثر المصروفات؟

إياد: المشكلة كبيرة بالنسبة للعائلات العربية خاصة وأننا نتحدث عن مواد أساسية وليس كماليات. عندما نتحدث عن كماليات يمكن أن نقول أنه يمكن الاستغناء عنها أو عن بعضها، لكن عندما يدور الحديث عن مواد أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل منتجات الحليب والدجاج والكهرباء والوقود، فان ذلك يزيد من الضغط الكبير على الأسر العربية، ويؤثر بشكل سلبي عليها، وللأسف الشديد نحن لا نرى أن الحكومة تعمل الكثير لتخفيف العبء عن الأسر الفقيرة والضعيفة. وهذا يشكل عبئا كبيرا خاصة واننا على أبواب شهر رمضان، كما ذكرت، وكذلك أعياد الفصح الذي يزداد فيه الطلب على الدواجن خاصة.

الصنارة: هل يمكنك تقديم نصائح معينة للعائلات العربية للتخفيف عن كاهلها؟

إياد: يجب علينا أن نعي أننا نمر في ظروف اقتصادية ليست سهلة، ليس فقط بسبب ارتفاع الأسعار في المواد، بل علينا ألا ننسى ارتفاع أسعار الفائدة البنكية، حيث تعودنا في الماضي على تمويل الاستهلاك والمنتجات الأخرى بواسطة الحصول على القروض من المصارف (البنوك)، عندما كانت الفائدة البنكية منخفضة، لكن اليوم في ظل الارتفاع الكبير الذي حصل في نسبة الفائدة البنكية والتي أدت الى ارتفاع تكاليف القروض التي نحصل عليها، وتغيير البنوك لقوانين اللعبة على عكس ما تعودنا عليه في الماضي بانتهاج مستوى معيشى أعلى من مقدرتنا الاقتصادية نظرا لسهولة الحصول على القروض، فان كل هذا تغير اليوم فالقروض باتت تكلف الكثير نتيجة الارتفاع بالفوائد ومحاولة ملاءمة مستوى المعيشة للدخل وهذا الأمر ينطبق عليه المثل العربي القديم “على قد فراشك مد رجليك”. من هنا نتوخى من وزارة الرفاه الاجتماعي والجمعيات الخيرية والمؤسسات الجماهيرية، أن تعمل أكثر على مساعدة العائلات الفقيرة والضعيفة، خاصة أننا على أبواب الشهر الكريم والأعياد، لذا هذه الفترة بحاجة لتكافل اجتماعي عملا بقوله تعالى “لعلكم تتقون” والتقوى تكون لأخيك الضعيف والمحتاج، وعلينا أن ننتهز فرصة الشهر الفضيل لتقديم العون والمساعدة لتلك العائلات.

الصنارة: ما هي توقعاتك بالنسبة للوضع الاقتصادي حتى نهاية العام، وهل يمكنك التوقع الى أين نتجه؟ 

إياد: الأمور غير واضحة حاليا ويسودها الضبابية نتيجة الوضع السياسي والجدل الحاصل على الاصلاح القضائي، لا أحد يعرف اليوم التطورات التي يمكن أن تحصل، في ظل عدم الوضوح، هل سيكون اتفاق بين المعارضة والحكومة أم ستستمر الحكومة في خطتها، لا أحد يعرف ولكن حسب التوقعات لسنة 2023 فانها ليست جيدة من حيث الوضع الاقتصادي، يمكن للظروف أن تتغير، لأن الاقتصاد الاسرائيلي متعلق بما يجري خارج البلاد أيضا، لكننا نبقى في فترة عدم وضوح.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا